للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَحَقَائِقِ مَا الْأَمْرُ صَائِرٌ إلَيْهِ فِي الْعَوَاقِبِ وَالتَّخْصِيصَاتُ وَالتَّمْيِيزَاتُ الْوَاقِعَةُ فِي الْأَشْخَاصِ وَالْأَعْيَانِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّيَّاتِ الْقَدَرِ الَّتِي لَا تَخْتَصُّ بِمَسْأَلَةِ خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ. وَلَيْسَ هَذَا الِاسْتِفْتَاءُ مَعْقُودًا لَهَا وَتَفْسِيرُ جُمَلِ ذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِهَذَا الْمَوْضِعِ. فَضْلًا عَنْ بَعْضِ تَفْصِيلِهِ. وَيَكْفِي الْعَاقِلُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلِيمٌ حَكِيمٌ رَحِيمٌ بَهَرَتْ الْأَلْبَابَ حِكْمَتُهُ وَوَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَتُهُ. وَأَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمُهُ وَأَحْصَاهُ لَوْحُهُ وَقَلَمُهُ وَأَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى فِي قَدَرِهِ سِرًّا مَصُونًا وَعِلْمًا مَخْزُونًا احْتَرَزَ بِهِ دُونَ جَمِيعِ خَلْقِهِ وَاسْتَأْثَرَ بِهِ عَلَى جَمِيعِ بَرِيَّتِهِ؛ وَإِنَّمَا يَصِلُ بِهِ أَهْلُ الْعِلْمِ وَأَرْبَابُ وِلَايَتِهِ إلَى جُمَلٍ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ لَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فِي ذِكْرٍ مَا وَرُبَّمَا كَلَّمَ النَّاسَ فِي ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ وَقَدْ سَأَلَ مُوسَى وَعِيسَى وَعُزَيْرٌ رَبَّنَا - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - عَنْ شَيْءٍ مِنْ سِرِّ الْقَدَرِ وَأَنَّهُ لَوْ شَاءَ أَنْ يُطَاعَ لَأُطِيعَ وَأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يُعْصَى فَأَخْبَرَهُمْ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَنَّ هَذَا سِرُّهُ. وَفِي هَذَا الْمَقَامِ تَاهَتْ عُقُولُ كَثِيرٍ مِنْ الْخَلَائِقِ وَفِيهِ ضَلَّ الْقَائِلُونَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ، وَأَنَّ صَانِعَهُ مُوجِبٌ بِذَاتِهِ وَمُقْتَضِي بِنَفْسِهِ اقْتِضَاءَ الْعِلَّةِ لِلْمَعْلُولِ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْإِمْكَانِ أَبْدَعُ مِمَّا صَنَعَ وَدَبَّ بَعْضُ هَذَا الدَّاءِ إلَى بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَأَتْبَاعِ الرُّسُلِ فَقَدْ قَرَّرُوا انْحِصَارَ الْمُمْكِنِ فِي الْمَوْجُودِ وَكُلُّ ذَلِكَ طَلَبًا لِلِاسْتِرَاحَةِ مِنْ مُؤْمِنَةٍ تَعْلِيلِ الْأَفْعَالِ الْإِلَهِيَّةِ وَوُجُودِ الْأَسْبَابِ الْحَادِثَةِ لِلْأُمُورِ الْحَادِثَةِ وَعَلَّلَهُ أَهْلُ الْقَدَرِ بِعِلَلِهِمْ الْعَائِلَةِ فِي التَّعْدِيلِ وَالتَّجْوِيزِ وَوُجُوبِ رِعَايَةِ الصَّالِحِ