للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ وَالْإِنْسَانُ يَتَأَثَّرُ عَنْ الْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ وَلَا يَتَأَثَّرُ عَنْ الْأَفْعَالِ الِاضْطِرَارِيَّةِ فَتُورِثُهُ أَخْلَاقًا وَأَحْوَالًا عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ حَتَّى عَلَى رَأْيِ مَنْ يُطْلِقُ اسْمَ الْجَبْرِ عَلَى مَجْمُوعِ أَفْعَالِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَيْقِنُ تَأْثِيرَ الْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ الِاضْطِرَارِيَّةِ اللَّهُمَّ إلَّا مِنْ حَيْثُ قَدْ تُوجِبُ الْأَفْعَالُ الِاضْطِرَارِيَّةُ أَمْرًا فِي نَفْسِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ اخْتِيَارًا. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الِاضْطِرَارَ إنَّمَا يَكُونُ فِي بَدَنِهِ دُونَ قَلْبِهِ إمَّا بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْأَمْرَاضِ وَالْأَسْقَامِ وَإِمَّا بِفِعْلِ الْعِبَادِ كَالْقَيْدِ وَالْحَبْسِ وَأَمَّا أَفْعَالُ رُوحِهِ الْمَنْفُوخَةِ فِيهِ؛ إذَا حَرَّكَتْ يَدَيْهِ فَهِيَ كُلُّهَا اخْتِيَارِيَّةٌ وَمِنْ وَجْهٍ قَدْ بَيَّنَّاهُ كُلَّهَا اضْطِرَارِيَّةً فَاضْطِرَارُهَا هُوَ عَيْنُ. . . (١) وَاخْتِيَارُهَا إنَّمَا هُوَ بِالِاضْطِرَارِ وَحَقِيقَةُ الِاضْطِرَارِ هُوَ أَنَّ اضْطِرَارَ. . . (٢) وَرُبَّمَا أَحَبَّتْ مِنْ وَجْهٍ وَكَرِهَتْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهَذَا كُلُّهُ لَا يَمْنَعُ وُرُودَ التَّكْلِيفِ وَاقْتِضَاءَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ. هَذَا الَّذِي تَيَسَّرَ كِتَابَتُهُ فِي الْحَالِ: {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ.


(١، ٢) بياض بالأصل