للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ} . وَالْآثَارُ مِثْلَ هَذَا كَثِيرَةٌ. فَهَذَا يُقِرُّ بِهِ أَكْثَرُ الْقَدَرِيَّةِ وَإِنَّمَا يُنْكِرُهُ غُلَاتُهُمْ كَاَلَّذِينَ ذَكَرُوا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي أَوَّلِ صَحِيحِهِ بِحَيْثُ قِيلَ لَهُ: " قِبَلَنَا أَقْوَامٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَفْتَقِرُونَ الْعِلْمَ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ وَأَنَّ الْأَمْرَ أُنُفٌ قَالَ: فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ وَأَنَّهُمْ مِنِّي بُرَآءُ " وَلِهَذَا كَفَّرَ الْأَئِمَّةُ: - كَمَالِكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد - مَنْ قَالَ: إنَّ اللَّهَ لَمْ يَعْلَمْ أَفْعَالَ الْعِبَادِ حَتَّى يَعْمَلُوهَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْقَدَرِيَّةِ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ جَمَاهِيرَ الْمُسْلِمِينَ يُخَالِفُونَ الْقَدَرِيَّةَ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ وَجَمَاهِيرُ الْمُسْلِمِينَ أَيْضًا يُقِرُّونَ بِالْأَسْبَابِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ أَسْبَابًا فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ وَيُقِرُّونَ بِحِكْمَةِ اللَّهِ - الَّتِي يُرِيدُهَا - فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ. وَيَقُولُونَ: كَمَا قَالَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ حَيْثُ قَالَ: {وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} وَقَالَ: {فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَجُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ذَلِكَ يَقُولُونَ: إنَّ هَذَا فُعِلَ بِهَذَا لَا يَقُولُونَ كَمَا يَقُولُ نفاة الْأَسْبَابِ: فُعِلَ عِنْدَهَا لَا بِهَا وَهَذِهِ الْأُمُورُ مَبْسُوطَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.