للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الَّذِي يَكُونُ بِسَبَبِ الْأَكْلِ وَزُهُوقِ النَّفْسِ الَّذِي يَكُونُ بِالْقَتْلِ فَهَذَا قَدْ جَعَلَهُ أَكْثَرُ الْمُعْتَزِلَةِ فِعْلًا لِلْعَبْدِ وَالْجَبْرِيَّةُ لَمْ يَجْعَلُوا لِفِعْلِ الْعَبْدِ فِيهِ تَأْثِيرًا بَلْ مَا تَيَقَّنُوا أَنَّهُ سَبَبٌ قَالُوا: إنَّهُ عِنْدَهُ لَا بِهِ وَأَمَّا السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ فَلَا يَجْعَلُونَ الْعَبْدَ فَاعِلًا لِذَلِكَ كَفِعْلِهِ لِمَا قَامَ بِهِ مِنْ الْحَرَكَاتِ فَلَا يَمْنَعُونَ أَنْ يَكُونَ مُشَارِكًا فِي أَسْبَابِهِ وَأَنْ يَكُونَ اللَّهُ جَعَلَ فِعْلَ الْعَبْدِ مَعَ غَيْرِهِ أَسْبَابًا فِي حُصُولِ مِثْلِ ذَلِكَ. وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ النَّوْعَيْنِ بِقَوْلِهِ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} {وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} وَالْإِنْفَاقُ وَالسَّيْرُ هُوَ نَفْسُ أَعْمَالِهِمْ الْقَائِمَةِ بِهِمْ فَقَالَ فِيهَا: إلَّا كُتِبَ لَهُمْ وَلَمْ يَقُلْ إلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ فَإِنَّهَا نَفْسُهَا عَمَلٌ فَنَفْسُ كِتَابَتِهَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ بِخِلَافِ الظَّمَأِ وَالنَّصَبِ وَالْجُوعِ الْحَاصِلِ بِغَيْرِ الْجِهَادِ بِخِلَافِ غَيْظِ الْكُفَّارِ بِمَا نِيلَ مِنْهُمْ فَإِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ نَفْسَ أَفْعَالِهِمْ وَإِنَّمَا هِيَ حَادِثَةٌ عَنْ أَسْبَابٍ مِنْهَا: أَفْعَالُهُمْ فَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {إلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} . فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا يَحْدُثُ مِنْ الْآثَارِ عَنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ لَهُمْ بِهَا عَمَلٌ؛ لِأَنَّ أَفْعَالَهُمْ كَانَتْ سَبَبًا فِيهَا كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ دَعَا إلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ