للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَهُ فِي حُصُولِ مَطْلُوبٍ وَلَا دَفْعِ مَرْهُوبٍ وَلَكِنَّهُ عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ وَلَكِنْ مَا حَصَلَ بِهِ حَصَلَ بِدُونِهِ وَظَنَّ آخَرُونَ أَنَّ ذَلِكَ مُجَرَّدُ عَلَامَةٍ وَالصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ وَالْجُمْهُورُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ الَّتِي تُنَالُ بِهَا سَعَادَةُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَمَا قَدَّرَهُ اللَّهُ بِالدُّعَاءِ وَالتَّوَكُّلِ وَالْكَسْبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ إذَا قَالَ الْقَائِلُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ السَّبَبُ مَاذَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَقُولُ هَذَا الْمَقْتُولُ لَوْ لَمْ يُقْتَلْ هَلْ كَانَ يَعِيشُ وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُ الْقَدَرِيَّةِ أَنَّهُ كَانَ يَعِيشُ وَظَنَّ بَعْضُ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى السُّنَّةِ أَنَّهُ كَانَ يَمُوتُ وَالصَّوَابُ أَنَّ هَذَا تَقْدِيرٌ لِأَمْرِ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ يَكُونُ فَاَللَّهُ قَدَّرَ مَوْتَهُ بِهَذَا السَّبَبِ فَلَا يَمُوتُ إلَّا بِهِ كَمَا قَدَّرَ اللَّهُ سَعَادَةَ هَذَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِعِبَادَتِهِ وَدُعَائِهِ وَتَوَكُّلِهِ وَعَمَلِهِ الصَّالِحِ وَكَسْبِهِ فَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِهِ وَإِذَا قَدَّرَ عَدَمَ هَذَا السَّبَبِ لَمْ يَعْلَمْ مَا يَكُونُ الْمُقَدَّرُ وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِهِ فَقَدْ يَكُونُ الْمُقَدَّرُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ يَمُوتُ وَقَدْ يَكُونُ الْمُقَدَّرُ أَنَّهُ يَحْيَى وَالْجَزْمُ بِأَحَدِهِمَا خَطَأٌ. وَلَوْ قَالَ الْقَائِلُ: أَنَا لَا آكُلُ وَلَا أَشْرَبُ فَإِنْ كَانَ اللَّهُ قَدَّرَ حَيَاتِي فَهُوَ يُحْيِينِي بِدُونِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ كَانَ أَحْمَقَ كَمَنْ قَالَ: أَنَا لَا أَطَأُ امْرَأَتِي فَإِنْ كَانَ اللَّهُ قَدَّرَ لِي وَلَدًا تَحْمِلُ مِنْ غَيْرِ ذَكَرٍ.