للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ رَغْبَةً وَرَهْبَةً. وَمِنْ الدُّعَاءِ مَا هُوَ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ كَالدُّعَاءِ الْمَذْكُورِ فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ. وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَحْتَجُّ بِمَا يُرْوَى عَنْ الْخَلِيلِ أَنَّهُ لَمَّا أُلْقِيَ فِي النَّارِ قَالَ لَهُ جبرائيل: هَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ؟ فَقَالَ: أَمَّا إلَيْكَ فَلَا قَالَ: سَلْ قَالَ: حَسْبِي مِنْ سُؤَالِي عِلْمُهُ بِحَالِي. وَأَوَّلُ هَذَا الْحَدِيثِ مَعْرُوفٌ وَهُوَ قَوْلُهُ: أَمَّا إلَيْكَ فَلَا؛ وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ {ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ قَالَهَا: إبْرَاهِيمُ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ. وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ قَالَ لَهُ النَّاسُ: إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} . وَأَمَّا قَوْلُهُ: حَسْبِي مِنْ سُؤَالِي عِلْمُهُ بِحَالِي فَكَلَامٌ بَاطِلٌ خِلَافَ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ عَنْ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ دُعَائِهِمْ لِلَّهِ وَمَسْأَلَتِهِمْ إيَّاهُ وَهُوَ خِلَافُ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ مِنْ سُؤَالِهِمْ لَهُ صَلَاحَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. كَقَوْلِهِمْ: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} وَدُعَاءُ اللَّهِ وَسُؤَالُهُ وَالتَّوَكُّلُ عَلَيْهِ عِبَادَةٌ لِلَّهِ مَشْرُوعَةٌ بِأَسْبَابِ كَمَا يُقَدِّرُهُ بِهَا فَكَيْفَ يَكُونُ مُجَرَّدُ الْعِلْمِ مُسْقِطًا لِمَا خَلَقَهُ وَأَمَرَ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ.