ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إلَيْهِ الْمَلَكَ فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَيَكْتُبُ رِزْقَهُ وَعَمَلَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ} فَكَمَا أَنَّ اللَّهَ كَتَبَ مَا يَعْمَلُهُ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ وَهُوَ يُثِيبُهُ عَلَى الْخَيْرِ وَيُعَاقِبُهُ عَلَى الشَّرِّ فَكَذَلِكَ كَتَبَ مَا يَرْزُقُهُ مِنْ حَلَالٍ وَحَرَامٍ مَعَ أَنَّهُ يُعَاقِبُهُ عَلَى الرِّزْقِ الْحَرَامِ. وَلِهَذَا كُلُّ مَا فِي الْوُجُودِ وَاقِعٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ كَمَا تَقَعُ سَائِرُ الْأَعْمَالِ لَكِنْ لَا عُذْرَ لِأَحَدِ بِالْقَدَرِ بَلْ الْقَدَرُ يُؤْمَنُ بِهِ وَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَحْتَجَّ عَلَى اللَّهِ بِالْقَدَرِ بَلْ لِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ وَمَنْ احْتَجَّ بِالْقَدَرِ عَلَى رُكُوبِ الْمَعَاصِي فَحُجَّتُهُ دَاحِضَةٌ وَمَنْ اعْتَذَرَ بِهِ فَعُذْرُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ كَاَلَّذِينَ قَالُوا: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا} وَاَلَّذِينَ قَالُوا: {لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} {أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} . وَأَمَّا الرِّزْقُ الَّذِي ضَمِنَهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ فَهُوَ قَدْ ضَمِنَ لِمَنْ يَتَّقِيهِ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ مِنْ الْمُتَّقِينَ فَضَمِنَ لَهُ مَا يُنَاسِبُهُ بِأَنْ يَمْنَحَهُ مَا يَعِيشُ بِهِ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ يُعَاقِبُهُ فِي الْآخِرَةِ كَمَا قَالَ عَنْ الْخَلِيلِ: {وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} - قَالَ اللَّهُ -: {وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute