للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَهُمْ بِالنِّسْبَةِ إلَى جُهَّالِ الْأُمَمِ كَبَادِيَةِ التُّرْكِ وَنَحْوِهِمْ أَمْثَلُ إذَا خَلَوْا عَنْ ضَلَالِهِمْ فَأَمَّا مَعَ ضَلَالِهِمْ فَقَدْ يَكُونُ الْبَاقُونَ عَلَى الْفِطْرَةِ مِنْ جُهَّالِ بَنِي آدَمَ أَمْثَلَ مِنْهُمْ. فَأَمَّا أَضَلُّ أَهْلِ الْمِلَلِ - مِثْلُ جُهَّالِ النَّصَارَى وَسَامِرَةِ الْيَهُودِ - فَهُمْ أَعْلَمُ مِنْهُمْ وَأَهْدَى وَأَحْكَمُ وَأَتْبَعُ لِلْحَقِّ. وَهَذَا قَدْ بَسَطْته بَسْطًا كَثِيرًا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ هُنَا: بَيَانُ أَنَّ هَذِهِ الصِّنَاعَةَ قَلِيلَةُ الْمَنْفَعَةِ عَظِيمَةُ الْحَشْوِ. وَذَلِكَ أَنَّ الْأُمُورَ الْعَمَلِيَّةَ الْخِلْقِيَّةَ قَلَّ أَنْ يُنْتَفَعَ فِيهَا بِصِنَاعَةِ الْمَنْطِقِ. إذْ الْقَضَايَا الْكُلِّيَّةُ الْمُوجَبَةُ - وَإِنْ كَانَتْ تُوجَدُ فِي الْأُمُورِ الْعَمَلِيَّةِ - لَكِنَّ أَهْلَ السِّيَاسَةِ لِنُفُوسِهِمْ وَلِأَهْلِهِمْ وَلِمُلْكِهِمْ إنَّمَا يَنَالُونَ تِلْكَ الْآرَاءَ الْكُلِّيَّةَ مِنْ أُمُورٍ لَا يَحْتَاجُونَ فِيهَا إلَى الْمَنْطِقِ وَمَتَى حَصَلَ ذَلِكَ الرَّأْيُ كَانَ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِالْعَمَلِ. ثُمَّ الْأُمُورُ الْعَمَلِيَّةُ لَا تَقِفُ عَلَى رَأْيٍ كُلِّيٍّ بَلْ مَتَى عَلِمَ الْإِنْسَانُ انْتِفَاعَهُ بِعَمَلِ عَمَلِهِ وَأَيُّ عَمَلٍ تَضَرَّرَ بِهِ تَرَكَهُ. وَهَذَا قَدْ يَعْلَمُهُ بِالْحِسِّ الظَّاهِرِ أَوْ الْبَاطِنِ لَا يَقِفُ ذَلِكَ عَلَى رَأْيٍ كُلِّيٍّ. فَعُلِمَ أَنَّ أَكْثَرَ الْأُمُورِ الْعَمَلِيَّةِ لَا يَصِحُّ اسْتِعْمَالُ الْمَنْطِقِ فِيهَا. وَلِهَذَا كَانَ