للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- كَمَا تَبَيَّنَ - لَمْ يَبْقَ فِيهِ فَائِدَةٌ أَصْلًا؛ وَلَمْ يُحْتَجْ إلَيْهِ فِي عِلْمٍ كُلِّيٍّ وَلَا عِلْمٍ مُعَيَّنٍ بَلْ صَارَ كَلَامُهُمْ فِي الْقِيَاسِ الَّذِي حَرَّرُوهُ كَالْكَلَامِ فِي الْحُدُودِ. وَهَذَا هَذَا. فَتَدَبَّرْهُ فَإِنَّهُ عَظِيمُ الْقَدْرِ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ: إذَا كَانَ لَا بُدَّ فِي الْقِيَاسِ مِنْ قَضِيَّةٍ كُلِّيَّةٍ وَالْحِسُّ لَا يُدْرِكُ الْكُلِّيَّاتِ وَإِنَّمَا تُدْرَكُ بِالْعَقْلِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً بِقِيَاسِ آخَرَ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ الدَّوْرِ أَوْ التَّسَلْسُلِ. فَلَا بُدَّ مِنْ قَضَايَا كُلِّيَّةٍ تُعْقَلُ بِلَا قِيَاسٍ كَالْبَدِيهِيَّاتِ الَّتِي جَعَلُوهَا. فَنَقُولُ: إذْ وَجَبَ الِاعْتِرَافُ بِأَنَّ مِنْ الْعُلُومِ الْكُلِّيَّةِ الْعَقْلِيَّةِ مَا يَبْتَدِئُ فِي النُّفُوسِ وَيَبْدَهُهَا بِلَا قِيَاسٍ وَجَبَ الْجَزْمُ بِأَنَّ الْعُلُومَ الْكُلِّيَّةَ الْعَقْلِيَّةَ قَدْ تَسْتَغْنِي عَنْ الْقِيَاسِ. وَهَذَا مِمَّا اعْتَرَفُوا بِهِ هُمْ وَجَمِيعُ بَنِي آدَمَ: أَنَّ مِنْ التَّصَوُّرِ وَالتَّصْدِيقِ مَا هُوَ بَدِيهِيٌّ لَا يَحْتَاجُ إلَى كَسْبٍ بِالْحَدِّ وَالْقِيَاسِ وَإِلَّا لَزِمَ الدَّوْرُ أَوْ التَّسَلْسُلُ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَنَقُولُ: إذَا جَازَ هَذَا فِي عِلْمٍ كُلِّيٍّ جَازَ فِي آخَرَ إذْ لَيْسَ بَيْنَ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْلَمَ ابْتِدَاءً مِنْ الْعُلُومِ الْبَدِيهِيَّةِ وَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْلَمَ