للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِثْلَ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ تَرْكِيبِ الْمَاهِيَّاتِ مِنْ الصِّفَاتِ الَّتِي سَمَّوْهَا ذَاتِيَّاتٍ. وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ حَصْرِ طُرُقِ الْعِلْمِ فِيمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْحُدُودِ وَالْأَقْيِسَةِ الْبُرْهَانِيَّاتِ بَلْ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْحُدُودِ الَّتِي بِهَا تُعْرَفُ التَّصَوُّرَاتُ. بَلْ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ صُوَرِ الْقِيَاسِ وَمَوَادِّهِ الْيَقِينِيَّاتِ. فَأَرَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَكْتُبَ مَا عَلَّقْته إذْ ذَاكَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَيْهِمْ فِي الْمَنْطِقِ فَأَذِنْت فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَفْتَحُ بَابَ مَعْرِفَةِ الْحَقِّ وَإِنْ كَانَ مَا فُتِحَ مِنْ بَابِ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ يَحْتَمِلُ أَضْعَافَ مَا عَلَّقْته. فَاعْلَمْ أَنَّهُمْ بَنَوْا " الْمَنْطِقَ " عَلَى الْكَلَامِ فِي الْحَدِّ وَنَوْعِهِ وَالْقِيَاسِ الْبُرْهَانِيِّ وَنَوْعِهِ. قَالُوا: لِأَنَّ الْعِلْمَ إمَّا تَصَوُّرٌ وَإِمَّا تَصْدِيقٌ فَالطَّرِيقُ الَّذِي يُنَالُ بِهِ التَّصَوُّرُ هُوَ الْحَدُّ وَالطَّرِيقُ الَّذِي يُنَالُ بِهِ التَّصْدِيقُ هُوَ الْقِيَاسُ.

فَنَقُولُ: الْكَلَامُ فِي " أَرْبَعِ مَقَامَاتٍ ": مَقَامَيْنِ سَالِبَيْنِ وَمَقَامَيْنِ مُوجَبَيْنِ. فَالْأَوَّلَانِ أَحَدُهُمَا فِي قَوْلِهِمْ إنَّ التَّصَوُّرَ الْمَطْلُوبَ لَا يُنَالُ إلَّا بِالْحَدِّ. والثَّانِي أَنَّ التَّصْدِيقَ الْمَطْلُوبَ لَا يُنَالُ إلَّا بِالْقِيَاسِ. وَالْآخَرَانِ فِي أَنَّ الْحَدَّ يُفِيدُ الْعِلْمَ بِالتَّصَوُّرَاتِ وَأَنَّ الْقِيَاسَ أَوْ الْبُرْهَانَ الْمَوْصُوفَ يُفِيدُ الْعِلْمَ بِالتَّصْدِيقَاتِ.