حَقِيقَةً مِنْ الْحَقَائِقِ دَائِمًا أَوْ غَالِبًا وَقَدْ تُصُوِّرَتْ الْحَقَائِقُ فَعُلِمَ اسْتِغْنَاءُ التَّصَوُّرِ عَنْ الْحَدِّ. (السَّادِسُ: أَنَّ الْحُدُودَ عِنْدَهُمْ إنَّمَا تَكُونُ لِلْحَقَائِقِ الْمُرَكَّبَةِ وَهِيَ الْأَنْوَاعُ الَّتِي لَهَا جِنْسٌ وَفَصْلٌ فَأَمَّا مَا لَا تَرْكِيبَ فِيهِ وَهُوَ مَا لَا يَدْخُلُ مَعَ غَيْرِهِ تَحْتَ جِنْسٍ كَمَا مَثَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِالْعَقْلِ فَلَيْسَ لَهُ حَدٌّ وَقَدْ عَرَّفُوهُ وَهُوَ مِنْ التَّصَوُّرَاتِ الْمَطْلُوبَةِ عِنْدَهُمْ فَعُلِمَ اسْتِغْنَاءُ التَّصَوُّرِ عَنْ الْحَدِّ بَلْ إذَا أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ هَذَا بِلَا حَدٍّ فَمَعْرِفَةُ تِلْكَ الْأَنْوَاعِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى الْجِنْسِ وَأَشْخَاصُهَا مَشْهُورَةٌ. وَهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ التَّصْدِيقَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّصَوُّرِ التَّامِّ الَّذِي يَحْصُلُ بِالْحَدِّ الْحَقِيقِيِّ. بَلْ يَكْفِي فِيهِ أَدْنَى تَصَوُّرٍ وَلَوْ بِالْخَاصَّةِ وَتَصَوُّرُ الْعَقْلِ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَهَذَا اعْتِرَافٌ مِنْهُمْ بِأَنَّ جِنْسَ التَّصَوُّرِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْحَدِّ الْحَقِيقِيِّ.
السَّابِعُ: أَنَّ سَامِعَ الْحَدِّ إنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا قَبْلَ ذَلِكَ بِمُفْرَدَاتِ أَلْفَاظِهِ وَدَلَالَتِهَا عَلَى مَعَانِيهَا الْمُفْرَدَةِ لَمْ يُمْكِنْهُ فَهْمُ الْكَلَامِ وَالْعِلْمُ بِأَنَّ اللَّفْظَ دَالٌّ عَلَى الْمَعْنَى وَمَوْضُوعٌ لَهُ مَسْبُوقٌ بِتَصَوُّرِ الْمَعْنَى. وَإِنْ كَانَ مُتَصَوَّرًا لِمُسَمَّى اللَّفْظِ وَمَعْنَاهُ قَبْلَ سَمَاعِهِ امْتَنَعَ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا تَصَوُّرُهُ بِسَمَاعِهِ. (الثَّامِنُ: إذَا كَانَ الْحَدُّ قَوْلُ الْحَادِّ فَمَعْلُومٌ أَنَّ تَصَوُّرَ الْمَعَانِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute