قِيَاسَ التَّمْثِيلِ وَقِيَاسَ الشُّمُولِ سَوَاءٌ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ بِالْمَادَّةِ الْمُعَيَّنَةِ فَإِنْ كَانَتْ يَقِينِيَّةً فِي أَحَدِهِمَا كَانَتْ يَقِينِيَّةً فِي الْآخَرِ وَإِنْ كَانَتْ ظَنِّيَّةً فِي أَحَدِهِمَا كَانَتْ ظَنِّيَّةً فِي الْآخَرِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ قِيَاسَ الشُّمُولِ مُؤَلَّفٌ مِنْ الْحُدُودِ الثَّلَاثَةِ الْأَصْغَرِ وَالْأَوْسَطِ وَالْأَكْبَرِ وَالْحَدُّ الْأَوْسَطُ فِيهِ هُوَ الَّذِي يُسَمَّى فِي قِيَاسِ التَّمْثِيلِ عِلَّةً وَمَنَاطًا وَجَامِعًا. فَإِذَا قَالَ فِي مَسْأَلَةِ النَّبِيذِ: كُلُّ نَبِيذٍ مُسْكِرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ إثْبَاتِ الْمُقَدِّمَةِ الْكُبْرَى وَحِينَئِذٍ يَتْمُ الْبُرْهَانُ وَحِينَئِذٍ فَيُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ: النَّبِيذُ مُسْكِرٌ فَيَكُونُ حَرَامًا قِيَاسًا عَلَى خَمْرِ الْعِنَبِ. بِجَامِعِ مَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ مِنْ الْإِسْكَارِ فَإِنَّ الْإِسْكَارَ هُوَ مَنَاطُ التَّحْرِيمِ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْفَرْعِ فَبِمَا بِهِ يُقَرَّرُ أَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ بِهِ يُقَرَّرُ أَنَّ السُّكْرَ مَنَاطُ التَّحْرِيمِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ بَلْ التَّفْرِيقُ فِي قِيَاسِ التَّمْثِيلِ أَسْهَلُ عَلَيْهِ لِشَهَادَةِ الْأَصْلِ لَهُ بِالتَّحْرِيمِ فَيَكُونُ الْحُكْمُ قَدْ عُلِمَ ثُبُوتُهُ فِي بَعْضِ الْجُزْئِيَّاتِ. وَلَا يَكْفِي فِي قِيَاسِ التَّمْثِيلِ إثْبَاتُهُ فِي أَحَدِ الْجُزْأَيْنِ لِثُبُوتِهِ فِي الْجُزْءِ الْآخَرِ؛ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي أَمْرٍ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِلْزَامِهِ لِلْحُكْمِ؛ كَمَا يَظُنُّهُ بَعْضُ الغالطين؛ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْمُشْتَرِكَ بَيْنَهُمَا مُسْتَلْزِمٌ لِلْحُكْمِ وَالْمُشْتَرِكُ بَيْنَهُمَا هُوَ الْحَدُّ الْأَوْسَطُ. وَهَذَا يُسَمِّيهِ الْفُقَهَاءُ وَأَهْلُ أُصُولِ الْفِقْهِ الْمُطَالَبَةُ بِتَأْثِيرِ الْوَصْفِ فِي الْحُكْمِ وَهَذَا السُّؤَالُ أَعْظَمُ سُؤَالٍ يَرِدُ عَلَى الْقِيَاسِ وَجَوَابُهُ هُوَ الَّذِي يُحْتَاجُ إلَيْهِ غَالِبًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute