للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلَّذِي يَلِيهِ مِنْ نَاحِيَةِ الْحَجَرِ الشَّامِيِّ وَإِنْ قِيلَ لِذَاكَ الشَّامِيُّ قِيلَ لِهَذَا الْعِرَاقِيُّ فَهَذَا الشَّامِيُّ الْعِرَاقِيُّ يُقَابِلُ الشَّمَالَ وَهُوَ يُقَابِلُ الْقُطْبَ وَحِينَئِذٍ فَيُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى الْجِهَاتِ وَيُسْتَدَلُّ بِالْجِهَاتِ عَلَيْهَا. وَمَا كَانَ مُدَّتُهُ أَقْصَرَ مِنْ مُدَّةِ الْكَعْبَةِ كَالْأَبْنِيَةِ الَّتِي فِي الْأَمْصَارِ وَالْأَشْجَارِ كَانَ الِاسْتِدْلَالُ بِهَا بِحَسَبِ ذَلِكَ. فَيُقَالُ عَلَامَةُ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ أَنَّ عَلَى بَابِهَا شَجَرَةً مِنْ صِفَتِهَا كَذَا وَكَذَا وَهُمَا مُتَلَازِمَانِ مُدَّةً مِنْ الزَّمَانِ. فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ اسْتِدْلَالٌ بِأَحَدِ الْمُتَلَازِمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَكِلَاهُمَا مُعَيَّنٌ جُزْئِيٌّ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ قِيَاسِ التَّمْثِيلِ. وَلِهَذَا عَدَلَ نُظَّارُ الْمُسْلِمِينَ عَنْ طَرِيقِهِمْ فَقَالُوا: الدَّلِيلُ هُوَ الْمُرْشِدُ إلَى الْمَطْلُوبِ وَهُوَ الْمُوَصِّلُ إلَى الْمَقْصُودِ؛ وَهُوَ مَا يَكُونُ الْعِلْمُ بِهِ مُسْتَلْزِمًا لِلْعِلْمِ بِالْمَطْلُوبِ أَوْ مَا يَكُونُ النَّظَرُ الصَّحِيحُ فِيهِ مُوَصِّلًا إلَى عِلْمٍ أَوْ إلَى اعْتِقَادٍ رَاجِحٍ. وَلَهُمْ نِزَاعٌ اصْطِلَاحِيٌّ هَلْ يُسَمَّى هَذَا الثَّانِي دَلِيلًا أَوْ يُخَصُّ بِاسْمِ الْأَمَارَةِ وَالْجُمْهُورُ يُسَمُّونَ الْجَمِيعَ دَلِيلًا. وَمِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ مَنْ لَا يُسَمِّي بِالدَّلِيلِ إلَّا الْأَوَّلَ. ثُمَّ الضَّابِطُ فِي الدَّلِيلِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَلْزِمًا لِلْمَدْلُولِ فَكُلَّمَا كَانَ مُسْتَلْزِمًا لِغَيْرِهِ أَمْكَنَ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ التَّلَازُمُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ أَمْكَنَ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِكُلِّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ فَيَسْتَدِلُّ الْمُسْتَدِلُّ بِمَا عَلِمَهُ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْهُ. ثُمَّ إنْ كَانَ اللُّزُومُ قَطْعِيًّا كَانَ الدَّلِيلُ قَطْعِيًّا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا