للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ قَوْلَكُمْ: إنَّ الدَّلِيلَ الَّذِي هُوَ الْقِيَاسُ لَا يَكُونُ إلَّا جُزْأَيْنِ فَقَطْ؛ إنْ أَرَدْتُمْ لَفْظَيْنِ فَقَطْ وَإِنَّ مَا زَادَ عَلَى لَفْظَيْنِ فَهُوَ أَدِلَّةٌ لَا دَلِيلٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ ذَلِكَ اللَّفْظَ الْمَوْصُوفَ بِصِفَاتِ تَحْتَاجُ كُلُّ صِفَةٍ إلَى دَلِيلٍ. قِيلَ لَكُمْ: وَكَذَلِكَ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي اللَّفْظَيْنِ: هُمَا دَلِيلَانِ لَا دَلِيلٌ وَاحِدٌ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُقَدِّمَةٍ تَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ وَحِينَئِذٍ فَتَخْصِيصُ الْعَدَدِ بِاثْنَيْنِ دُونَ مَا زَادَ تَحَكُّمٌ لَا مَعْنَى لَهُ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ قَدْ يَحْصُلُ بِلَفْظِ مُفْرَدٍ وَقَدْ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِلَفْظَيْنِ وَقَدْ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِثَلَاثَةٍ أَوْ بِأَرْبَعَةٍ وَأَكْثَرَ فَجَعْلُ الْجَاعِلِ اللَّفْظَيْنِ هُمَا الْأَصْلَ الْوَاجِبَ دُونَ مَا زَادَ وَمَا نَقَصَ وَأَنَّ الزَّائِدَ إنْ كَانَ فِي الْمَطْلُوبِ جُعِلَ مَطَالِبَ مُتَعَدِّدَةً وَإِنْ كَانَ فِي الدَّلِيلِ تُذْكَرُ مُقَدِّمَاتُ جَعْلِ ذَلِكَ فِي تَقْدِيرِ أَقْيِسَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ تَحَكُّمٌ مَحْضٌ لَيْسَ هُوَ أَوْلَى مِنْ أَنْ يُقَالَ: بَلْ الْأَصْلُ فِي الْمَطْلُوبِ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا وَدَلِيلَهُ جُزْءًا وَاحِدًا فَإِذَا زَادَ الْمَطْلُوبُ عَلَى ذَلِكَ جَعَلَ مَطْلُوبَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً بِحَسَبِ دَلَالَتِهِ وَهَذَا إذَا قِيلَ فَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ اسْمَ الدَّلِيلِ مُفْرَدٌ فَيُجْعَلُ مَعْنَاهُ مُفْرَدًا وَالْقِيَاسُ هُوَ الدَّلِيلَ. وَلَفْظُ " الْقِيَاسِ " يَقْتَضِي التَّقْدِيرَ كَمَا يُقَالُ قِسْت هَذَا بِهَذَا وَالتَّقْدِيرُ يَحْصُلُ بِوَاحِدِ؛ وَإِذَا قُدِّرَ بِاثْنَيْنِ وَثَلَاثَةٍ يَكُونُ تَقْدِيرَيْنِ وَثَلَاثَةً لَا تَقْدِيرًا وَاحِدًا فَتَكُونُ تِلْكَ التَّقْدِيرَاتُ أَقْيِسَةً لَا قِيَاسًا وَاحِدًا فَجَعْلُهُمْ مَا زَادَ عَلَى الِاثْنَيْنِ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ فِي مَعْنَى أَقْيِسَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَمَا نَقَصَ عَنْ الِاثْنَيْنِ نِصْفَ