للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَيْفِيَّةِ الْتِئَامِ الْأُولَيَيْنِ وَيُفْضِي ذَلِكَ إلَى اعْتِبَارِ مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَعْلُومًا مُغَايِرًا للمقدمتين؛ اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا فِي الْإِنْتَاجِ لِأَنَّ الشَّرْطَ مُغَايِرٌ لِلْمَشْرُوطِ. وَهُنَا لَا مُغَايَرَةَ فَلَا يَكُونُ شَرْطًا. وَأَمَّا حَدِيثُ الْبَغْلَةِ فَذَلِكَ إنَّمَا يُمْكِنُ إذَا كَانَ الْحَاضِرُ فِي الذِّهْنِ إحْدَى الْمُقَدِّمَتَيْنِ فَقَطْ إمَّا الصُّغْرَى وَإِمَّا الْكُبْرَى أَمَّا عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الذِّهْنِ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يُمْكِنُ الشَّكُّ أَصْلًا فِي النَّتِيجَةِ. قُلْت: وَ " حَقِيقَةُ الْأَمْرِ " أَنَّ هَذَا النِّزَاعَ لَزَمَهُمْ فِي ظَنِّهِمْ الْحَاجَةَ إلَى مُقَدِّمَتَيْنِ لَا فِي الْإِنْتَاجِ لِأَنَّ الشَّرْطَ مُغَايِرٌ لِلْمَشْرُوطِ. وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ مَا بِهِ يُعْلَمُ الْمَطْلُوبُ سَوَاءٌ كَانَ مُقَدِّمَةً أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَالْمَغْفُولُ عَنْهُ لَيْسَ بِمَعْلُومِ حَالَ الْغَفْلَةِ؛ فَإِذَا تَذَكَّرَ صَارَ مَعْلُومًا بِالْفِعْلِ. وَهُنَا الدَّلِيلُ هُوَ الْعِلْمُ بِأَنَّ الْبَغْلَةَ لَا تَلِدُ وَهَذِهِ الْمُقَدِّمَةُ كَانَ ذَاهِلًا عَنْهَا فَلَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهَا الْعِلْمَ الَّذِي تَحْصُلُ بِهِ الدَّلَالَةُ فَإِنَّ الْمَغْفُولَ عَنْهُ لَا يَدُلُّ حِينَمَا يَكُونُ مَغْفُولًا عَنْهُ بَلْ إنَّمَا يَدُلُّ حَالَ كَوْنِهِ مَذْكُورًا. إذْ هُوَ بِذَلِكَ يَكُونُ مَعْلُومًا عِلْمًا حَاضِرًا. وَالرَّبُّ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ الْغَفْلَةِ وَالنِّسْيَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَاقِضُ حَقِيقَةَ الْعِلْمِ كَمَا أَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ السِّنَةِ وَالنَّوْمِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَاقِضُ كَمَالَ الْحَيَاةِ والقيومية فَإِنَّ النَّوْمَ أَخُو الْمَوْتِ وَلِهَذَا كَانَ أَهْلُ الْجَنَّةِ لَا يَنَامُونَ كَمَا لَا يَمُوتُونَ. وَيُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ كَمَا يُلْهَمُ أَحَدُنَا النَّفَسَ.