للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلْمَوْصُوفِ. فَهَذَا بَاطِلٌ مِنْ وُجُوهٍ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ؛ فَالْوَسَطُ الذِّهْنِيُّ أَعَمُّ مِنْ الْخَارِجِيِّ كَمَا أَنَّ الدَّلِيلَ أَعَمُّ مِنْ الْعِلَّةِ؛ فَكُلُّ عِلَّةٍ يُمْكِنُ الِاسْتِدْلَالُ بِهَا عَلَى الْمَعْلُولِ؛ وَلَيْسَ كُلُّ دَلِيلٍ يَكُونُ عِلَّةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مُتَوَسِّطًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَمْكَنَ جَعْلُهُ مُتَوَسِّطًا فِي الذِّهْنِ فَيَكُونُ دَلِيلًا وَلَا يَنْعَكِسُ لِأَنَّ الدَّلِيلَ هُوَ مَا كَانَ مُسْتَلْزِمًا لِلْمَدْلُولِ فَالْعِلَّةُ الْمُسْتَلْزِمَةُ لِلْمَعْلُولِ يُمْكِنُ الِاسْتِدْلَالُ بِهَا؛ وَالْوَسَطُ الَّذِي يَلْزَمُ الْمَلْزُومَ وَيَلْزَمُهُ اللَّازِمُ الْبَعِيدُ هُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِذَلِكَ اللَّازِمِ فَيُمْكِنُ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ يُمْكِنُ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِمُقَدِّمَةٍ وَاحِدَةٍ إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى غَيْرِهَا وَقَدْ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِمُقَدِّمَاتِ فَيَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَتِهِنَّ فَإِنَّ تَخْصِيصَ الْحَاجَةِ بِمُقَدِّمَتَيْنِ دُونَ مَا زَادَ وَمَا نَقَصَ تَحَكُّمٌ مَحْضٌ وَلِهَذَا لَا تَجِدُ فِي سَائِرِ طَوَائِفِ الْعُقَلَاءِ وَمُصَنِّفِي الْعُلُومَ مَنْ يَلْتَزِمُ فِي اسْتِدْلَالِهِ الْبَيَانَ بِمُقَدِّمَتَيْنِ لَا أَكْثَرَ وَلَا أَقَلَّ وَيَجْتَهِدُ فِي رَدِّ الزِّيَادَةِ إلَى اثْنَتَيْنِ. وَفِي تَكْمِيلِ النَّقْصِ بِجَعْلِهِ مُقَدِّمَتَيْنِ إلَّا أَهْلَ مَنْطِقِ الْيُونَانِ وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ؛ دُونَ مَنْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى فِطْرَتِهِ السَّلِيمَةِ أَوْ سَلَكَ مَسْلَكَ غَيْرِهِمْ كَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ. وَسَائِرِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعُلَمَائِهِمْ وَنُظَّارِهِمْ وَسَائِرِ طَوَائِفِ الْمِلَلِ. وَكَذَلِكَ أَهْلُ النَّحْوِ وَالطِّبِّ وَالْهَنْدَسَةِ لَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ إلَّا مَنْ اتَّبَعَ فِي ذَلِكَ هَؤُلَاءِ الْمَنْطِقِيِّينَ كَمَا قَلَّدُوهُمْ فِي الْحُدُودِ الْمُرَكَّبَةِ مِنْ الْجِنْسِ وَالْفَصْلِ؛ وَمَا اسْتَفَادُوا بِمَا تَلَقَّوْهُ عَنْهُمْ عِلْمًا إلَّا عَمَّا يُسْتَغْنَى عَنْ بَاطِلِ كَلَامِهِمْ أَوْ مَا