للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ. فَمَا بِهِ يَتَبَيَّنُ صِدْقُ الْقَضِيَّةِ الْكُبْرَى بِهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْجَامِعَ الْمُشْتَرَكَ مُسْتَلْزِمٌ لِلْحُكْمِ. فَلُزُومُ الْأَكْبَرِ لِلْأَوْسَطِ هُوَ لُزُومُ الْحُكْمِ لِلْمُشْتَرَكِ. فَإِذَا قُلْت: النَّبِيذُ حَرَامٌ قِيَاسًا عَلَى الْخَمْرِ لِأَنَّ الْخَمْرَ إنَّمَا حُرِّمَتْ لِكَوْنِهَا مُسْكِرَةً وَهَذَا الْوَصْفُ مَوْجُودٌ فِي النَّبِيذِ؛ كَانَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِك كُلُّ نَبِيذٍ مُسْكِرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ. فَالنَّتِيجَةُ: قَوْلُك: النَّبِيذُ حَرَامٌ؛ وَالنَّبِيذُ هُوَ مَوْضُوعُهَا وَهُوَ الْحَدُّ الْأَصْغَرُ؛ وَالْحَرَامُ مَحْمُولُهَا وَهُوَ الْحَدُّ الْأَكْبَرُ؛ وَالْمُسْكِرُ هُوَ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الْمَوْضُوعِ وَالْمَحْمُولِ وَهُوَ الْحَدُّ الْأَوْسَطُ: الْمَحْمُولُ فِي الصُّغْرَى الْمَوْضُوعُ فِي الْكُبْرَى. فَإِذَا قُلْت: النَّبِيذُ حَرَامٌ قِيَاسًا عَلَى خَمْرِ الْعِنَبِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْأَصْلِ هُوَ الْإِسْكَارُ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْفَرْعِ فَثَبَتَ التَّحْرِيمُ لِوُجُودِ عِلَّتِهِ؛ فَإِنَّمَا اسْتَدْلَلْت عَلَى تَحْرِيمِ النَّبِيذِ بِالسُّكْرِ وَهُوَ الْحَدُّ الْأَوْسَطُ لَكِنْ زِدْت فِي قِيَاسِ التَّمْثِيلِ ذِكْرَ الْأَصْلِ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ الْفَرْعُ؛ وَهَذَا لِأَنَّ شُعُورَ النَّفْسِ بِنَظِيرِ الْفَرْعِ أَقْوَى فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ مُجَرَّدِ دُخُولِهِ فِي الْجَامِعِ الْكُلِّيِّ. وَإِذَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى تَأْثِيرِ الْوَصْفِ الْمُشْتَرَكِ لَمْ يَكُنْ ذِكْرُ الْأَصْلِ مُحْتَاجًا إلَيْهِ. وَالْقِيَاسُ لَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ بِإِبْدَاءِ الْجَامِعِ أَوْ بِإِلْغَاءِ الْفَارِقِ وَ " الْجَامِعُ " إمَّا الْعِلَّةُ وَإِمَّا دَلِيلُهَا وَإِمَّا الْقِيَاسُ بِإِلْغَاءِ الْفَارِقِ فَهُنَا إلْغَاءُ الْفَارِقِ هُوَ الْحَدُّ الْأَوْسَطُ.