الصُّورَةِ وَمَثَّلْنَا هَذَا بِقَوْلِهِمْ الْوَاحِدُ لَا يَصْدُرُ عَنْهُ إلَّا وَاحِدٌ؛ فَإِنَّهُ مِنْ أَشْهَرِ أَقْوَالِهِمْ الْفَاسِدَةِ الْإِلَهِيَّةِ. وَأَمَّا الْأَقْوَالُ الصَّحِيحَةُ فَهَذَا أَيْضًا ظَاهِرٌ فِيهَا: فَإِنَّ قِيَاسَ الشُّمُولِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَضِيَّةٍ كُلِّيَّةٍ مُوجَبَةٍ فَلَا نِتَاجَ عَنْ سَالِبَتَيْنِ وَلَا عَنْ جُزْئِيَّتَيْنِ بِاتِّفَاقِهِمْ. وَالْكُلِّيُّ لَا يَكُونُ كُلِّيًّا إلَّا فِي الذِّهْنِ فَإِذَا عُرِفَ تَحَقُّقُ بَعْضِ أَفْرَادِهِ فِي الْخَارِجِ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُعِينُ عَلَى الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ كُلِّيًّا مُوجِبًا فَإِنَّهُ إذَا أَحَسَّ الْإِنْسَانُ بِبَعْضِ الْأَفْرَادِ الْخَارِجِيَّةِ انْتَزَعَ مِنْهُ وَصْفًا كُلِّيًّا لَا سِيَّمَا إذَا كَثُرَتْ أَفْرَادُهُ وَالْعِلْمُ بِثُبُوتِ الْوَصْفِ الْمُشْتَرَكِ لِأَصْلِ فِي الْخَارِجِ هُوَ أَصْلُ الْعِلْمِ بِالْقَضِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ. وَحِينَئِذٍ فَالْقِيَاسُ التَّمْثِيلِيُّ أَصْلٌ لِلْقِيَاسِ الشُّمُولِيِّ. إمَّا أَنْ يَكُونَ سَبَبًا فِي حُصُولِهِ وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ لَا يُوجَدُ بِدُونِهِ فَكَيْفَ يَكُونُ وَحْدُهُ أَقْوَى مِنْهُ. وَهَؤُلَاءِ يُمَثِّلُونَ الْكُلِّيَّاتِ بِمِثْلِ قَوْلِ الْقَائِلِ: الْكُلُّ أَعْظَمُ مِنْ الْجُزْءِ وَالنَّقِيضَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ وَالْأَشْيَاءُ الْمُسَاوِيَةُ لِشَيْءِ وَاحِدٍ مُتَسَاوِيَةٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَمَا مِنْ كُلِّيٍّ مِنْ هَذِهِ الْكُلِّيَّاتِ إلَّا وَقَدْ عُلِمَ مِنْ أَفْرَادِهِ الْخَارِجَةِ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ وَإِذَا أُرِيدَ تَحْقِيقُ هَذِهِ الْكُلِّيَّةِ فِي النَّفْسِ ضُرِبَ لَهَا الْمَثَلُ بِفَرْدِ مِنْ أَفْرَادِهَا وَبَيْنَ انْتِفَاءِ الْفَارِقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ أَوْ ثُبُوتِ الْجَامِعِ. وَحِينَئِذٍ يَحْكُمُ الْعَقْلُ بِثُبُوتِ الْحُكْمِ لِذَلِكَ الْمُشْتَرَكِ الْكُلِّيِّ. وَهَذَا حَقِيقَةُ قِيَاسِ التَّمْثِيلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute