للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} الْآيَةُ وَقَالَ: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} وَقَالَ: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} الْآيَةَ. وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ الْأَمْثَالِ الْمَضْرُوبَةِ وَالْمَقَايِيسِ الْعَقْلِيَّةِ مَا يُعْرَفُ بِهِ الْحَقُّ وَالْبَاطِلُ وَأَمَرَ اللَّهُ بِالْجَمَاعَةِ والائتلاف وَنَهَى عَنْ الْفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ وَأَخْبَرَ أَنَّ أَهْلَ الرَّحْمَةِ لَا يَخْتَلِفُونَ فَقَالَ: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} وَلِهَذَا يُوجَدُ أَتْبَعُ النَّاسِ لِلرَّسُولِ أَقَلُّ اخْتِلَافًا مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ الْمُنْتَسِبَةِ لِلسُّنَّةِ وَكُلُّ مَنْ قَرُبَ لِلسُّنَّةِ كَانَ أَقَلَّ اخْتِلَافًا مِمَّنْ بَعُدَ عَنْهَا كَالْمُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ فَنَجِدُهُمْ أَكْثَرَ الطَّوَائِفِ اخْتِلَافًا. وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفَلَاسِفَةِ فَلَا يَحْصُرُهُ أَحَدٌ وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ فِي كِتَابِ الْمَقَالَاتِ " مَقَالَاتِ غَيْرِ الْإِسْلَامِيِّينَ " فَأَتَى بِالْجَمِّ الْغَفِيرِ سِوَى مَا ذَكَرَهُ الْفَارَابِيُّ وَابْنُ سِينَا وَكَذَلِكَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الطَّيِّبِ فِي كِتَابِ " الدَّقَائِقِ " الَّذِي رَدَّ فِيهِ عَلَى الْفَلَاسِفَةِ وَالْمُنَجِّمِينَ وَرَجَّحَ فِيهِ مَنْطِقَ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ الْعَرَبِ عَلَى مَنْطِقِ الْيُونَانِ. وَكَذَلِكَ مُتَكَلِّمَةُ الْمُعْتَزِلَةِ وَالشِّيعَةِ وَغَيْرِهِمْ فِي رَدِّهِمْ عَلَى الْفَلَاسِفَةِ. وَصَنَّفَ الْغَزَالِيُّ كِتَابَ " التَّهَافُتِ " فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ. وَمَا زَالَ نُظَّارُ الْمُسْلِمِينَ يُصَنِّفُونَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ فِي الْمَنْطِقِ وَيُبَيِّنُونَ خَطَأَهُمْ