للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غَيْرِهِ. وَلِهَذَا لَمَّا ظَهَرَتْ التَّتَارُ وَأَرَادَ بَعْضُهُمْ الدُّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ قِيلَ: إنَّ " هُولَاكُو " أَشَارَ عَلَيْهِ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ بِأَنْ لَا يَفْعَلَ قَالَ: ذَاكَ لِسَانُهُ عَرَبِيٌّ وَلَا تَحْتَاجُونَ إلَى شَرِيعَتِهِ. وَمَنْ تَبِعَ النَّبِيَّ مِنْهُمْ فِي الشَّرَائِعِ الْعَمَلِيَّةِ لَا يَتْبَعُهُ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَالِاعْتِقَادِ؛ بَلْ النَّبِيُّ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ أَحَدِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ فَإِنَّ أَئِمَّةَ الْكَلَامِ إذَا قَلَّدُوا مَذْهَبًا مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ اقْتَصَرُوا فِي تَقْلِيدِهِ عَلَى الْقَضَايَا الْفِقْهِيَّةِ وَلَا يَلْتَزِمُونَ مُوَافَقَتَهُ فِي الْأُصُولِ وَمَسَائِلِ التَّوْحِيدِ. بَلْ قَدْ يَجْعَلُونَ شُيُوخَهُمْ الْمُتَكَلِّمِينَ أَفْضَلَ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ. وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ اللَّهِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ الْمُعَيَّنَةِ. وَعَنْ الْمَلَائِكَةِ وَالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ بِقِيَاسِهِمْ وَكَذَا أَخْبَرَ عَنْ أُمُورٍ مُعَيَّنَةٍ مِمَّا كَانَ وَسَيَكُونُ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ بِقِيَاسِهِمْ: لَا الْبُرْهَانِيِّ وَلَا غَيْرِهِ فَإِنَّ أَقْيِسَتَهُمْ لَا تُفِيدُ إلَّا أُمُورًا كُلِّيَّةً وَهَذِهِ أُمُورٌ خَاصَّةٌ وَقَدْ أَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يَكُونُ مِنْ الْحَوَادِثِ الْمُعَيَّنَةِ حَتَّى أَخْبَرَ عَنْ التتر الَّذِينَ جَاءُوا بَعْدَ سِتّمِائَةِ سَنَةٍ مِنْ إخْبَارِهِ وَكَذَلِكَ عَنْ النَّارِ الَّتِي خَرَجَتْ قَبْلَ مَجِيءِ التتر سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ هـ. فَهَلْ يُتَصَوَّرُ أَنَّ قِيَاسَهُمْ وَبُرْهَانَهُمْ يَدُلُّ عَلَى آدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ أَوْ أُمَّةٍ مُعَيَّنَةٍ فَضْلًا عَنْ مَوْصُوفٍ بِالصِّفَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا؟ .