للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِغَيْرِ الْقِيَاسِ وَكِلَا الْقِسْمَيْنِ وَاقِعٌ فَإِنَّهُ مُنْتَفٍ عِنْدَهُمْ إذْ لَا طَرِيقَ لَهُمْ غَيْرُ الْقِيَاسِ وَحَاصِلُ ذَلِكَ عِنْدَ الْأَنْبِيَاءِ وَأَتْبَاعِهِمْ بَلْ حَاصِلُ ذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ عِنْدَ جَمِيعِ أُولِي الْعِلْمِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ وَسَائِرِ الْآدَمِيِّينَ. وَ " أَيْضًا " فَإِذَا كَانَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ مُقَدِّمَةٍ كُلِّيَّةٍ فَإِنْ كَانَتْ نَظَرِيَّةً افْتَقَرَتْ إلَى أُخْرَى وَإِنْ كَانَتْ بَدِيهِيَّةً فَإِذَا جَازَ أَنْ يَحْصُلَ الْعِلْمُ بِجَمِيعِ أَفْرَادِهَا بَدِيهَةً فَمَا الْمَانِعُ أَنْ يَحْصُلَ بِبَعْضِ الْأَفْرَادِ وَهُوَ أَسْهَلُ.

وَأَمَّا " الْحَدُّ " فَالْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ:

أَحَدُهَا: دَعْوَاهُمْ أَنَّ التَّصَوُّرَاتِ النَّظَرِيَّةَ لَا تُعْلَمُ إلَّا بِالْحَدِّ الَّذِي ذَكَرُوهُ فَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي أَنَّ التَّصْدِيقَاتِ النَّظَرِيَّةَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِالْبُرْهَانِ الَّذِي حَصَرُوا مَوَادَّهُ وَلَا دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ؛ وَيَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ أَنَّ الْحَادَّ إنْ عَرَفَ الْمَحْدُودَ بِحَدِّ غَيْرِهِ فَقَدْ لَزِمَ الدَّوْرُ أَوْ التَّسَلْسُلُ وَإِنْ عَرَفَهُ بِغَيْرِ حَدٍّ بَطَلَ الْمُدَّعَى فَإِنْ قِيلَ: بَلْ عَرَفَهُ بِالْحَدِّ الَّذِي انْعَقَدَ فِي نَفْسِهِ كَمَا عَرَفَ التَّصْدِيقَ بِالْبُرْهَانِ الَّذِي انْعَقَدَ فِي نَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ قِيلَ: الْبُرْهَانُ مُبَايِنٌ لِلنَّتِيجَةِ فَإِنَّ الْعِلْمَ بالمقدمتين لَيْسَ هُوَ عَيْنَ الْعِلْمِ بِالنَّتِيجَةِ وَأَمَّا الْحَدُّ الْمُنْعَقِدُ فِي النَّفْسِ فَهُوَ نَفْسُ الْعِلْمِ بِالْمَحْدُودِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ فَأَيْنَ الْحَدُّ الْمُفِيدُ لِلْعِلْمِ بِالْمَحْدُودِ وَهَذَا أَحَدُ مَا يُبَيِّنُ.