للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُنْكِرُونَ الْأَسْبَابَ أَيْضًا وَيَقُولُونَ: إنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ عِنْدَهَا لَا بِهَا فَيَقُولُونَ: إنَّ اللَّهَ لَا يُشْبِعُ بِالْخُبْزِ وَلَا يَرْوِي بِالْمَاءِ وَلَا يُنْبِتُ الزَّرْعَ بِالْمَاءِ بَلْ يَفْعَلُ عِنْدَهُ لَا بِهِ وَهَؤُلَاءِ خَالَفُوا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَإِجْمَاعَ السَّلَفِ مَعَ مُخَالَفَةِ صَرِيحِ الْعَقْلِ وَالْحِسِّ؛ فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُنَزِّلُ الْمَاءَ بِالسَّحَابِ وَيُخْرِجُ الثَّمَرَ بِالْمَاءِ. وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} وَقَالَ: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ} وَقَالَ: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ} وَقَالَ: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} وَقَالَ: {فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا} وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ. وَالنَّاسُ يَعْلَمُونَ بِحِسِّهِمْ وَعَقْلِهِمْ أَنَّ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ سَبَبٌ لِبَعْضِ كَمَا يَعْلَمُونَ أَنَّ الشِّبَعَ يَحْصُلُ بِالْأَكْلِ لَا بِالْعَدِّ وَيَحْصُلُ بِأَكْلِ الطَّعَامِ لَا بِأَكْلِ الْحَصَى وَأَنَّ الْمَاءَ سَبَبٌ لِحَيَاةِ النَّبَاتِ وَالْحَيَوَانِ كَمَا قَالَ: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} وَأَنَّ الْحَيَوَانَ يُرْوَى بِشُرْبِ الْمَاءِ لَا بِالْمَشْيِ وَمِثْلُ ذَلِكَ كَثِيرٌ وَلِبَسْطِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَوْضِعٌ آخَرُ.