للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُوسَى تَكْلِيمًا ثُمَّ نَزَلَ فَذَبَحَهُ وَكَانَ قَدْ أَخَذَ هَذَا الْمَذْهَبَ عَنْهُ الْجَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ فَأَظْهَرَهُ وَنَاظَرَ عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ أُضِيفَ قَوْلُ الْجَهْمِيَّة فَقَتَلَهُ سَلْمُ بْنُ أَحْوَزَ أَمِيرُ خُرَاسَانَ بِهَا ثُمَّ انْتَقَلَ ذَلِكَ إلَى الْمُعْتَزِلَةِ أَتْبَاعِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ وَظَهَرَ قَوْلُهُمْ أَثْنَاءَ خِلَافَةِ الْمَأْمُونِ حَتَّى امْتَحَنَ أَئِمَّةَ الْإِسْلَامِ وَدَعَوْا إلَى الْمُوَافَقَةِ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ. وَأَصْلُ قَوْلِهِمْ هَذَا مَأْخُوذٌ عَنْ الْمُشْرِكِينَ وَالصَّابِئَةِ مِنْ البراهمة والمتفلسفة وَمُبْتَدِعَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ الرَّبَّ لَيْسَ لَهُ صِفَةٌ ثُبُوتِيَّةٌ أَصْلًا وَهَؤُلَاءِ هُمْ أَعْدَاءُ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُمْ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ وَيَبْنُونَ الْهَيَاكِلَ لِلْعُقُولِ وَالنُّجُومِ وَغَيْرِهَا وَهُمْ يُنْكِرُونَ فِي الْحَقِيقَةِ أَنْ يَكُونَ إبْرَاهِيمُ خَلِيلًا وَمُوسَى كَلِيمًا لِأَنَّ الْخُلَّةَ هِيَ كَمَالُ الْمَحَبَّةِ الْمُسْتَغْرِقَةِ لِلْمُحِبِّ كَمَا قِيلَ:

قَدْ تَخَلَّلْت مَسْلَكَ الرُّوحِ مِنِّي … وَبِذَا سُمِّيَ الْخَلِيلُ خَلِيلًا

وَيَشْهَدُ لِهَذَا مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {لَوْ كُنْت مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاِتَّخَذْت أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا وَلَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ} - يَعْنِي نَفْسَهُ -. وَفِي رِوَايَةٍ: {إنِّي أَبْرَأُ إلَى كُلِّ خَلِيلٍ مِنْ خُلَّتِهِ وَلَوْ كُنْت مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاِتَّخَذْت أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا} وَفِي رِوَايَةٍ: {إنَّ اللَّهَ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إبْرَاهِيمَ