للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُمْكِنَ ذِكْرُهُ هُنَا. وَهُمْ قَدْ تَكَلَّمُوا عَلَى مَا يَعْرِضُ لِلْقُلُوبِ مِنْ الْأَمْرَاضِ وَالشُّبُهَاتِ؛ وَأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ يَشْهَدُ وُجُودَ الْمَخْلُوقَاتِ فَيَظُنُّهُ خَالِقَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ وَالْفُرْقَانُ فِي قَلْبِهِ؛ بِمَنْزِلَةِ مَنْ رَأَى شُعَاعَ الشَّمْسِ فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الشَّمْسُ الَّتِي فِي السَّمَاءِ. وَهُمْ قَدْ يَتَكَلَّمُونَ فِي " الْفَرْقِ وَالْجَمْعِ " وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْعِبَارَاتِ الْمُلْفِتَةِ نَظِيرُ مَا دَخَلَ فِي الْفَنَاءِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إذَا شَهِدَ التَّفْرِقَةَ وَالْكَثْرَةَ فِي الْمَخْلُوقَاتِ يَبْقَى قَلْبُهُ مُتَعَلِّقًا بِهَا مُتَشَتِّتًا نَاظِرًا إلَيْهَا مُتَعَلِّقًا بِهَا: إمَّا مَحَبَّةً وَإِمَّا خَوْفًا وَإِمَّا رَجَاءً؛ فَإِذَا انْتَقَلَ إلَى الْجَمْعِ اجْتَمَعَ قَلْبُهُ عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فَالْتَفَتَ قَلْبُهُ إلَى اللَّهِ بَعْدَ الْتِفَاتِهِ إلَى الْمَخْلُوقِينَ فَصَارَتْ مَحَبَّتُهُ لِرَبِّهِ وَخَوْفُهُ مِنْ رَبِّهِ وَرَجَاؤُهُ لِرَبِّهِ وَاسْتِعَانَتُهُ بِرَبِّهِ وَهُوَ فِي هَذَا الْحَالِ قَدْ لَا يَسَعُ قَلْبَهُ النَّظَرُ إلَى الْمَخْلُوقِ لِيُفَرِّقَ بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ. فَقَدْ يَكُونُ مُجْتَمِعًا عَلَى الْحَقِّ مُعْرِضًا عَنْ الْخَلْقِ نَظَرًا وَقَصْدًا وَهُوَ نَظِيرُ النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ الْفَنَاءِ. وَلَكِنْ بَعْدَ ذَلِكَ " الْفَرْقِ الثَّانِي " وَهُوَ: أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ الْمَخْلُوقَاتِ قَائِمَةٌ بِاَللَّهِ مُدَبَّرَةٌ بِأَمْرِهِ وَيَشْهَدُ كَثْرَتَهَا مَعْدُومَةً بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ رَبُّ الْمَصْنُوعَاتِ وَإِلَهُهَا وَخَالِقُهَا وَمَالِكُهَا فَيَكُونُ مَعَ اجْتِمَاعِ قَلْبِهِ عَلَى اللَّهِ - إخْلَاصًا لَهُ وَمَحَبَّةً وَخَوْفًا وَرَجَاءً وَاسْتِعَانَةً وَتَوَكُّلًا عَلَى اللَّهِ وَمُوَالَاةً فِيهِ