الْعُقَلَاءُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَبْيَنِ الْبَاطِلِ فَقَدْ يَظُنُّ ذَلِكَ مَنْ يَظُنُّهُ مِنْ هَؤُلَاءِ. حَتَّى قُلْتُ مَرَّةً لِبَعْضِ مَنْ قَالَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَوْ كَانَ هَذَا كَمَا قُلْتَهُ لَكَتَبْتُ (وَمَا يَعْلَمُ) تَأْوِيلَ هُوَ مُنْفَصِلَةً. ثُمَّ كَثِيرًا مَا يَذْكُرُ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّهُ يَحْتَجُّ عَلَى قَوْلِ الْقَائِلِ: " اللَّهُ " بِقَوْلِهِ: {قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ} وَيَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ نَبِيَّهُ بِأَنْ يَقُولَ الِاسْمَ الْمُفْرَدَ وَهَذَا غَلَطٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ فَإِنَّ قَوْلَهُ: {قُلِ اللَّهُ} مَعْنَاهُ اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى. وَهُوَ جَوَابٌ لِقَوْلِهِ: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ} أَيْ اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى. رَدَّ بِذَلِكَ قَوْلَ مَنْ قَالَ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ فَقَالَ: {مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى} ثُمَّ قَالَ: {قُلِ اللَّهُ} أَنْزَلَهُ ثُمَّ ذَرْ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ {فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} . وَمِمَّا يُبَيِّنُ مَا تَقَدَّمَ: مَا ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ النَّحْوِ أَنَّ الْعَرَبَ يَحْكُونَ بِالْقَوْلِ مَا كَانَ كَلَامًا لَا يَحْكُونَ بِهِ مَا كَانَ قَوْلًا فَالْقَوْلُ لَا يُحْكَى بِهِ إلَّا كَلَامٌ تَامٌّ أَوْ جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ أَوْ فِعْلِيَّةٌ وَلِهَذَا يَكْسِرُونَ إنَّ إذَا جَاءَتْ بَعْدَ الْقَوْلِ فَالْقَوْلُ لَا يُحْكَى بِهِ اسْمٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى لَا يَأْمُرُ أَحَدًا بِذِكْرِ اسْمٍ مُفْرَدٍ وَلَا شَرَعَ لِلْمُسْلِمِينَ اسْمًا مُفْرَدًا مُجَرَّدًا وَالِاسْمُ الْمُجَرَّدُ لَا يُفِيدُ الْإِيمَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute