وَقَوْلُهُ: (سُبْحَانَكَ) يَتَضَمَّنُ تَعْظِيمَهُ وَتَنْزِيهَهُ عَنْ الظُّلْمِ وَغَيْرِهِ مِنْ النَّقَائِضِ؛ فَإِنَّ التَّسْبِيحَ وَإِنْ كَانَ يُقَالُ: يَتَضَمَّنُ نَفْيَ النَّقَائِصِ وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ مُرْسَلٍ مِنْ مَرَاسِيلِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِ الْعَبْدِ: سُبْحَانَ اللَّهِ: {إنَّهَا بَرَاءَةُ اللَّهِ مِنْ السُّوءِ} فَالنَّفْيُ لَا يَكُونُ مَدْحًا إلَّا إذَا تَضَمَّنَ ثُبُوتًا وَإِلَّا فَالنَّفْيُ الْمَحْضُ لَا مَدْحَ فِيهِ وَنَفْيُ السُّوءِ وَالنَّقْصِ عَنْهُ يَسْتَلْزِمُ إثْبَاتَ مَحَاسِنِهِ وَكَمَالِهِ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى. وَهَكَذَا عَامَّةُ مَا يَأْتِي بِهِ الْقُرْآنُ فِي نَفْيِ السُّوءِ وَالنَّقْصِ عَنْهُ يَتَضَمَّنُ إثْبَاتَ مَحَاسِنِهِ وَكَمَالِهِ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} فَنَفْيُ أَخْذِ السِّنَةِ وَالنَّوْمِ لَهُ يَتَضَمَّنُ كَمَالَ حَيَاتِهِ وقيوميته وَقَوْلُهُ: {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} يَتَضَمَّنُ كَمَالَ قُدْرَتِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ. فَالتَّسْبِيحُ الْمُتَضَمِّنُ تَنْزِيهَهُ عَنْ السُّوءِ وَنَفْيُ النَّقْصِ عَنْهُ يَتَضَمَّنُ تَعْظِيمَهُ. فَفِي قَوْلِهِ: (سُبْحَانَكَ) تَبْرِئَتُهُ مِنْ الظُّلْمِ وَإِثْبَاتُ الْعَظَمَةِ الْمُوجِبَةِ لَهُ بَرَاءَتَهُ مِنْ الظُّلْمِ فَإِنَّ الظَّالِمَ إنَّمَا يَظْلِمُ لِحَاجَتِهِ إلَى الظُّلْمِ أَوْ لِجَهْلِهِ وَاَللَّهُ غَنِيٌّ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ غَنِيٌّ بِنَفْسِهِ وَكُلُّ مَا سِوَاهُ فَقِيرٌ إلَيْهِ وَهَذَا كَمَالُ الْعَظَمَةِ. وَأَيْضًا فَفِي هَذَا الدُّعَاءِ التَّهْلِيلُ وَالتَّسْبِيحُ فَقَوْلُهُ: {لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ} تَهْلِيلٌ. وَقَوْلُهُ: {سُبْحَانَكَ} تَسْبِيحٌ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute