مُتَضَمِّنًا مَعْنَى الْكَلِمَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ إذَا أُفْرِدَتَا وَعِنْدَ الِاقْتِرَانِ تُعْطَى كُلُّ كَلِمَةٍ خَاصِّيَّتَهَا. وَهَذَا كَمَا أَنَّ كُلَّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ مَعْنَى الْآخَرِ؛ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الذَّاتِ وَالذَّاتُ تَسْتَلْزِمُ مَعْنَى الِاسْمِ الْآخَرِ لَكِنَّ هَذَا بِاللُّزُومِ. وَأَمَّا دِلَالَةُ كُلِّ اسْمٍ عَلَى خَاصِّيَّتِهِ وَعَلَى الذَّاتِ بِمَجْمُوعِهِمَا فَبِالْمُطَابَقَةِ وَدِلَالَتُهَا عَلَى أَحَدِهِمَا بِالتَّضَمُّنِ. فَقَوْلُ الدَّاعِي: {لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ} يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الْكَلِمَاتِ الْأَرْبَعِ اللَّاتِي هُنَّ أَفْضَلُ الْكَلَامِ بَعْدَ الْقُرْآنِ. وَهَذِهِ الْكَلِمَاتُ تَتَضَمَّنُ مَعَانِيَ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلْيَا فَفِيهَا كَمَالُ الْمَدْحِ. وَقَوْلُهُ: {إنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} فِيهِ اعْتِرَافٌ بِحَقِيقَةِ حَالِهِ وَلَيْسَ لِأَحَدِ مِنْ الْعِبَادِ أَنْ يُبَرِّئَ نَفْسَهُ عَنْ هَذَا الْوَصْفِ لَا سِيَّمَا فِي مَقَامِ مُنَاجَاتِهِ لِرَبِّهِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {لَا يَنْبَغِي لِعَبْدِ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ متى} وَقَالَ: {مَنْ قَالَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ متى فَقَدْ كَذَبَ} فَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَرِفَ بِظُلْمِ نَفْسِهِ فَهُوَ كَاذِبٌ وَلِهَذَا كَانَ سَادَاتُ الْخَلَائِقِ لَا يُفَضِّلُونَ أَنْفُسَهُمْ عَلَى يُونُسَ فِي هَذَا الْمَقَامِ بَلْ يَقُولُونَ: كَمَا قَالَ أَبُوهُمْ آدَمَ وَخَاتَمُهُمْ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute