تَأَلُّهُ مَا يَهْوَاهُ وَتُصْرَفُ عَنْهُ الْمَعَاصِي وَالذُّنُوبُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} . فَعَلَّلَ صَرْفَ السُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ عَنْهُ بِأَنَّهُ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ وَهَؤُلَاءِ هُمْ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ: {إنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} وَقَالَ الشَّيْطَانُ: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} {إلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} . وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ} . فَإِنَّ الْإِخْلَاصَ يَنْفِي أَسْبَابَ دُخُولِ النَّارِ؛ فَمَنْ دَخَلَ النَّارَ مِنْ الْقَائِلِينَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لَمْ يُحَقِّقْ إخْلَاصَهَا الْمُحَرِّمَ لَهُ عَلَى النَّارِ؛ بَلْ كَانَ فِي قَلْبِهِ نَوْعٌ مِنْ الشِّرْكِ الَّذِي أَوْقَعَهُ فِيمَا أَدْخَلَهُ النَّارَ وَالشِّرْكُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ؛ وَلِهَذَا كَانَ الْعَبْدُ مَأْمُورًا فِي كُلِّ صَلَاةٍ أَنْ يَقُولَ: {إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} . وَالشَّيْطَانُ يَأْمُرُ بالشرك وَالنَّفْسُ تُطِيعُهُ فِي ذَلِكَ فَلَا تَزَالُ النَّفْسُ تَلْتَفِتُ إلَى غَيْرِ اللَّهِ. إمَّا خَوْفًا مِنْهُ. وَإِمَّا رَجَاءً لَهُ فَلَا يَزَالُ الْعَبْدُ مُفْتَقِرًا إلَى تَخْلِيصِ تَوْحِيدِهِ مِنْ شَوَائِبِ الشِّرْكِ. وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {يَقُولُ الشَّيْطَانُ: أَهْلَكْتُ النَّاسَ بِالذُّنُوبِ وَأَهْلَكُونِي بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَالِاسْتِغْفَارِ فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ بَثَثْتُ فِيهِمْ الْأَهْوَاءَ فَهُمْ يُذْنِبُونَ وَلَا يَسْتَغْفِرُونَ؛ لِأَنَّهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute