لِكُلِّ مُصَدِّقٍ بِشَيْءِ: إنَّهُ مُؤْمِنٌ بِهِ. فَلَوْ قَالَ: أَنَا أُصَدِّقُ بِأَنَّ الْوَاحِدَ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ وَأَنَّ السَّمَاءَ فَوْقَنَا وَالْأَرْضَ تَحْتَنَا وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يُشَاهِدُهُ النَّاسُ وَيَعْلَمُونَهُ لَمْ يُقَلْ لِهَذَا: إنَّهُ مُؤْمِنٌ بِذَلِكَ؛ بَلْ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِيمَنْ أَخْبَرَ بِشَيْءِ مِنْ الْأُمُورِ الْغَائِبَةِ كَقَوْلِ إخْوَةِ يُوسُفَ: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} فَإِنَّهُمْ أَخْبَرُوهُ بِمَا غَابَ عَنْهُ وَهُمْ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ مَنْ آمَنَ لَهُ وَآمَنَ بِهِ فَالْأَوَّلُ يُقَالُ لِلْمُخْبِرِ وَالثَّانِي يُقَالُ لِلْمُخْبَرِ بِهِ كَمَا قَالَ إخْوَةُ يُوسُفَ {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} وَقَالَ تَعَالَى: {فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ} . وَقَالَ تَعَالَى: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} فَفَرَّقَ بَيْنَ إيمَانِهِ بِاَللَّهِ وَإِيمَانِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ يُصَدِّقُ الْمُؤْمِنِينَ إذَا أَخْبَرُوهُ وَأَمَّا إيمَانُهُ بِاَللَّهِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ بِهِ. وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى عَنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ: {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا} أَيْ نُقِرُّ لَهُمَا وَنُصَدِّقُهُمَا. وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إنِّي مُهَاجِرٌ إلَى رَبِّي} . وَمِنْ الْمَعْنَى الْآخَرِ قَوْله تَعَالَى {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} وَقَوْلُهُ: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} وَقَوْلُهُ: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute