للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْ يُضَافَ إلَى مُحَمَّدٍ ذُنُوبُ الْأَنْبِيَاءِ كُلِّهِمْ وَيُقَالُ: إنَّ قَوْلَهُ {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} الْمُرَادُ ذُنُوبُ الْأَنْبِيَاءِ وَأُمَمِهِمْ قَبْلَك فَإِنَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَشْفَعُ لِلْخَلَائِقِ كُلِّهِمْ وَهُوَ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَقَالَ: {أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ وَآدَمُ فَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. أَنَا خَطِيبُ الْأَنْبِيَاءِ إذَا وَفَدُوا وَإِمَامُهُمْ إذَا اجْتَمَعُوا} وَحِينَئِذٍ فَلَا يَخْتَصُّ آدَمَ بِإِضَافَةِ ذَنْبِهِ إلَى مُحَمَّدٍ بَلْ تُجْعَلُ ذُنُوبُ الْأَوَّلِينَ والآخرين عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ ذُنُوبًا لَهُ. فَإِنْ قَالَ: إنَّ اللَّهَ لَمْ يَغْفِرْ ذُنُوبَ جَمِيعِ الْأُمَمِ قِيلَ: وَهُوَ أَيْضًا لَمْ يَغْفِرْ ذُنُوبَ جَمِيعِ أُمَّتِهِ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ قَدْ مَيَّزَ بَيْنَ ذَنْبِهِ وَذُنُوبِ الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} فَكَيْفَ يَكُونُ ذَنْبُ الْمُؤْمِنِينَ ذَنْبًا لَهُ.

الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَمَّا نَزَلَتْ قَالَ الصَّحَابَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا لَك فَمَا لَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إيمَانًا مَعَ إيمَانِهِمْ} فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الرَّسُولَ وَالْمُؤْمِنِينَ عَلِمُوا أَنَّ قَوْلَهُ {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} مُخْتَصٌّ بِهِ دُونَ أُمَّتِهِ.

الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَغْفِرْ ذُنُوبَ جَمِيعِ أُمَّتِهِ بَلْ قَدْ ثَبَتَ