للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِخِلَافِ مَنْ كَانَ الْأَلَمُ لَا يَسْتَوْعِبُ مَشَاعِرَهُ بَلْ يَخْتَصُّ بِبَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَقَالَ تَعَالَى: فَذُوقُوا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ وَقَالَ تَعَالَى: {ذُقْ إنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} وَقَالَ تَعَالَى: {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ} وَقَالَ: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ} وَقَالَ تَعَالَى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا} {إلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا} وَقَالَ: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ} وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدِ نَبِيًّا} . فَاسْتِعْمَالُ لَفْظِ " الذَّوْقِ " فِي إدْرَاكِ الْمُلَائِمِ وَالْمُنَافِرِ كَثِيرٌ. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ} كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْحَدِيثِ. فَوُجُودُ الْمُؤْمِنِ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ فِي قَلْبِهِ، وَذَوْقُ طَعْمِ الْإِيمَانِ أَمْرٌ يَعْرِفُهُ مَنْ حَصَلَ لَهُ هَذَا الْوَجْدُ. وَهَذَا الذَّوْقُ أَصْحَابُهُ فِيهِ يَتَفَاوَتُونَ فَاَلَّذِي يَحْصُلُ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ عِنْدَ تَجْرِيدِ تَوْحِيدِ قُلُوبِهِمْ إلَى اللَّهِ وَإِقْبَالِهِمْ عَلَيْهِ دُونَ مَا سِوَاهُ بِحَيْثُ يَكُونُونَ حُنَفَاءَ لَهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَا يُحِبُّونَ شَيْئًا إلَّا لَهُ وَلَا يَتَوَكَّلُونَ إلَّا عَلَيْهِ وَلَا يُوَالُونَ إلَّا فِيهِ وَلَا يُعَادُونَ إلَّا لَهُ وَلَا يَسْأَلُونَ إلَّا إيَّاهُ وَلَا يَرْجُونَ إلَّا إيَّاهُ وَلَا يَخَافُونَ إلَّا إيَّاهُ يَعْبُدُونَهُ وَيَسْتَعِينُونَ لَهُ وَبِهِ بِحَيْثُ يَكُونُونَ عِنْدَ الْحَقِّ بِلَا خَلْقٍ وَعِنْدَ الْخَلْقِ بِلَا هَوًى؛ قَدْ فَنِيَتْ عَنْهُمْ إرَادَةُ مَا سِوَاهُ بِإِرَادَتِهِ وَمَحَبَّةُ مَا سِوَاهُ بِمَحَبَّتِهِ وَخَوْفُ