للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الظَّاهِرَةِ؛ وَقَالَ فِيهِمْ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ أَعْطَاهُمْ اللَّهُ عُقُولًا وَأَحْوَالًا فَسَلَبَ عُقُولَهُمْ وَتَرَكَ أَحْوَالَهُمْ وَأَسْقَطَ مَا فَرَضَ بِمَا سَلَبَ. وَلِهَذَا اتَّفَقَ الْعَارِفُونَ عَلَى أَنَّ حَالَ الْبَقَاءِ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ شُهُودُ الْحَقَائِقِ بِإِشْهَادِ الْحَقِّ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا رَوَى عَنْهُ رَسُولُهُ: {وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْته كُنْت سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ. فَبِي يَسْمَعُ وَبِي يُبْصِرُ وَبِي يَبْطِشُ وَبِي يَمْشِي} وَفِي رِوَايَةٍ {وَبِي يَنْطِقُ وَبِي يَعْقِلُ} فَإِذَا سَمِعَ بِالْحَقِّ وَرَأَى بِهِ سَمِعَ الْأَمْرَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَشَهِدَ الْحَقَّ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ. وَعَامَّةُ مَا تَجِدُهُ فِي كُتُبِ أَصِحَّاءِ الصُّوفِيَّةِ مِثْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْ الْفَنَاءِ هُوَ هَذَا مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَغْلَطُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضِ أَحْكَامِهِ كَمَا تَكَلَّمْت عَلَيْهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَفِي الْجُمْلَةِ فَهَذَا الْفَنَاءُ صَحِيحٌ وَهُوَ فِي عيسوية الْمُحَمَّدِيَّةِ وَهُوَ شَبِيهٌ بِالصَّعْقِ وَالصِّيَاحِ الَّذِي حَدَثَ فِي التَّابِعِينَ. وَلِهَذَا يَقَعُ كَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فِي نَوْعِ ضَلَالٍ؛ لِأَنَّ الْفَنَاءَ عَنْ شُهُودِ الْحَقَائِقِ مَرْجِعُهُ إلَى عَدَمِ الْعِلْمِ وَالشُّهُودِ. وَهُوَ وَصْفُ نَقْصٍ لَا وَصْفُ كَمَالٍ وَإِنَّمَا يُمْدَحُ مِنْ جِهَةِ