وَالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ إذْ الْعَهْدُ قَرِيبٌ. وَأَنْوَارُ الْآثَارِ النَّبَوِيَّةِ بَعْدُ فِيهَا ظُهُورٌ وَلَهَا بُرْهَانٌ عَظِيمٌ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ قَدْ اخْتَلَطَ نُورُهَا بِظُلْمَةِ غَيْرِهَا. فَأَمَّا الْمُتَأَخِّرُونَ فَكَثِيرٌ مِنْهُمْ جَرَّدَ مَا وَضَعَهُ الْمُتَقَدِّمُونَ. مِثْلُ مَنْ صَنَّفَ فِي " الْكَلَامِ " مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فَلَمْ يَذْكُرْ إلَّا الْأُصُولَ الْمُبْتَدَعَةَ وَأَعْرَضَ عَنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَجَعَلَهُمَا إمَّا فَرْعَيْنِ أَوْ آمَنَ بِهِمَا مُجْمَلًا أَوْ خَرَجَ بِهِ الْأَمْرُ إلَى نَوْعٍ مِنْ الزَّنْدَقَةِ وَمُتَقَدِّمُو الْمُتَكَلِّمِينَ خَيْرٌ مِنْ مُتَأَخِّرِيهِمْ. وَكَذَلِكَ مَنْ صَنَّفَ فِي " الرَّأْيِ " فَلَمْ يَذْكُرْ إلَّا رَأْيَ مَتْبُوعِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْرَضَ عَنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَوَزَنَ مَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى رَأْيِ مَتْبُوعِهِ كَكَثِيرِ مِنْ أَتْبَاعِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمْ. وَكَذَلِكَ مَنْ صَنَّفَ فِي " التَّصَوُّفِ " و " الزُّهْدِ " جَعَلَ الْأَصْلَ مَا رُوِيَ عَنْ مُتَأَخِّرِي الزُّهَّادِ - وَأَعْرَضَ عَنْ طَرِيقِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ كَمَا فَعَلَ صَاحِبُ " الرِّسَالَةِ " أَبُو الْقَاسِمِ القشيري وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ الكلاباذي وَابْنُ خَمِيسٍ الموصلي فِي " مَنَاقِبِ الْأَبْرَارِ "؛ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِي فِي تَارِيخِ الصُّوفِيَّةِ لَكِنْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ صَنَّفَ أَيْضًا " سِيَرَ السَّلَفِ " مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ. وَسِيَرَ الصَّالِحِينَ مِنْ السَّلَفِ كَمَا صَنَّفَ فِي سِيَرِ الصَّالِحِينَ مِنْ الْخَلَفِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ ذِكْرِهِمْ لِأَخْبَارِ أَهْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute