للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِخَيْرِ وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ} وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوُهُ وَفِي رِوَايَةٍ: {فَإِنَّ النَّذْرَ يُلْقِي ابْنَ آدَمَ إلَى الْقَدَرِ} فَهَذَا الْمَنْهِيُّ عَنْهُ هُوَ النَّذْرُ الَّذِي يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ مَنْهِيٌّ عَنْ عَقْدِهِ وَلَكِنْ إذَا كَانَ قَدْ عَقَدَهُ فَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ} . وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ إلَّا الْتِزَامُ مَا الْتَزَمَهُ وَقَدْ لَا يَرْضَى بِهِ فَيَبْقَى آثِمًا. وَإِذَا فَعَلَ تِلْكَ الْعِبَادَاتِ بِلَا نَذْرٍ كَانَ خَيْرًا لَهُ وَالنَّاسُ يَقْصِدُونَ بِالنَّذْرِ تَحْصِيلَ مُطَالِبِهِمْ فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّذْرَ لَا يَأْتِي بِخَيْرِ فَلَيْسَ النَّذْرُ سَبَبًا فِي حُصُولِ مَطْلُوبِهِمْ وَذَلِكَ أَنَّ النَّاذِرَ إذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ إنْ حَفَّظَنِي اللَّهُ الْقُرْآنَ أَنْ أَصُومَ مَثَلًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ إنْ عَافَانِي اللَّهُ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ أَوْ إنْ دَفَعَ اللَّهُ هَذَا الْعَدُوَّ أَوْ إنْ قَضَى عَنِّي هَذَا الدَّيْنَ فَعَلْت كَذَا فَقَدْ جَعَلَ الْعِبَادَةَ الَّتِي الْتَزَمَهَا عِوَضًا مِنْ ذَلِكَ الْمَطْلُوبِ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يَقْضِي تِلْكَ الْحَاجَةَ بِمُجَرَّدِ تِلْكَ الْعِبَادَةِ الْمَنْذُورَةِ بَلْ يُنْعِمُ عَلَى عَبْدِهِ بِذَلِكَ الْمَطْلُوبِ لِيَبْتَلِيَهُ أَيَشْكُرُ أَمْ يَكْفُرُ؟ وَشُكْرُهُ يَكُونُ بِفِعْلِ مَا أَمَرَهُ بِهِ وَتَرْكِ مَا نَهَاهُ عَنْهُ. وَأَمَّا تِلْكَ الْعِبَادَةُ الْمَنْذُورَةُ فَلَا تَقُومُ بِشُكْرِ تِلْكَ النِّعْمَةِ وَلَا يُنْعِمُ اللَّهُ تِلْكَ النِّعْمَةَ لِيَعْبُدَهُ الْعَبْدُ تِلْكَ الْعِبَادَةَ الْمَنْذُورَةَ الَّتِي كَانَتْ مُسْتَحَبَّةً فَصَارَتْ