وَالرُّسُلُ كُلُّهُمْ أَمَرُوا قَوْمَهُمْ أَنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} . وَإِنَّمَا كَانَتْ " الثَّلَاثَةُ " تَرْجِعُ إلَى امْتِثَالِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُؤْمَرُ فِيهِ بِفِعْلِ شَيْءٍ مِنْ الْفَرَائِضِ كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْحَجِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى فِعْلِ ذَلِكَ الْمَأْمُورِ وَفِي الْوَقْتِ الَّذِي تَحْدُثُ أَسْبَابُ الْمَعْصِيَةِ يَحْتَاجُ إلَى الِامْتِنَاعِ وَالْكَرَاهَةِ وَالْإِمْسَاكِ عَنْ ذَلِكَ وَهَذَا فِعْلٌ لِمَا أُمِرَ بِهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَأَمَّا مَنْ لَمْ تَخْطِرْ لَهُ الْمَعْصِيَةُ بِبَالِ فَهَذَا لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا يُؤْجَرُ عَلَيْهِ وَلَكِنْ عَدَمُ ذَنْبِهِ مُسْتَلْزِمٌ لِسَلَامَتِهِ مِنْ عُقُوبَةِ الذَّنْبِ، وَالْعَدَمُ الْمَحْضُ الْمُسْتَمِرُّ لَا يُؤْمَرُ بِهِ وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِأَمْرِ يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَذَاكَ لَا يَكُونُ إلَّا حَادِثًا: سَوَاءٌ كَانَ إحْدَاثَ إيجَادِ أَمْرٍ أَوْ إعْدَامِ أَمْرٍ. وَأَمَّا " الْقَدَرُ الَّذِي يَرْضَى بِهِ " فَإِنَّهُ إذَا اُبْتُلِيَ بِالْمَرَضِ أَوْ الْفَقْرِ أَوْ الْخَوْفِ فَهُوَ مَأْمُورٌ بِالصَّبْرِ أَمْرَ إيجَابٍ، وَمَأْمُورٌ بِالرِّضَا إمَّا أَمْرُ إيجَابٍ، وَإِمَّا أَمْرُ اسْتِحْبَابٍ؛ وَلِلْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ وَنَفْسُ الصَّبْرِ وَالرِّضَا بِالْمَصَائِبِ هُوَ طَاعَةٌ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فَهُوَ مِنْ امْتِثَالِ الْأَمْرِ وَهُوَ عِبَادَةٌ لِلَّهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute