وَأَمَّا مَا هُوَ مَأْمُورٌ بِبُغْضِهِ وَدَفْعِهِ فَمِثْلُ: مَا إذَا أَظْهَرَ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ فَهُوَ مَأْمُورٌ بِبُغْضِ ذَلِكَ وَدَفْعِهِ وَإِنْكَارِهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: " {مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ. فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ. فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ} ". وَأَمَّا مَا لَا يُؤْمَرُ الْعَبْدُ فِيهِ بِوَاحِدِ مِنْهُمَا: فَمِثْلُ مَا يَظْهَرُ لَهُ مِنْ فِعْلِ الْإِنْسَانِ لِلْمُبَاحَاتِ الَّتِي لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ أَنَّهُ يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى طَاعَةٍ وَلَا مَعْصِيَةٍ. فَهَذِهِ لَا يُؤْمَرُ بِحُبِّهَا وَلَا بِبُغْضِهَا وَكَذَلِكَ مُبَاحَاتُ نَفْسِهِ الْمَحْضَةُ الَّتِي لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِعَانَةَ بِهَا عَلَى طَاعَةٍ وَلَا مَعْصِيَةٍ. مَعَ أَنَّ هَذَا نَقْصٌ مِنْهُ فَإِنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ مِنْ الْمُبَاحَاتِ إلَّا مَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الطَّاعَةِ وَيَقْصِدُ الِاسْتِعَانَةَ بِهَا عَلَى الطَّاعَةِ فَهَذَا سَبِيلُ الْمُقَرَّبِينَ السَّابِقِينَ الَّذِينَ تَقَرَّبُوا إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالنَّوَافِلِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ وَلَمْ يَزَلْ أَحَدُهُمْ يَتَقَرَّبُ إلَيْهِ بِذَلِكَ حَتَّى أَحَبَّهُ فَكَانَ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَأَمَّا مَنْ فَعَلَ الْمُبَاحَاتِ مَعَ الْغَفْلَةِ أَوْ فَعَلَ فُضُولَ الْمُبَاحِ الَّتِي لَا يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى طَاعَةٍ مَعَ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَاجْتِنَابِ الْمَحَارِمِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا فَهَذَا مِنْ الْمُقْتَصِدِينَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute