للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ الزُّهَّادِ وَالنُّسَّاكِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأُمُورِ. وَأَمَّا خُلُوُّ الْإِنْسَانِ عَنْ الْإِرَادَةِ مُطْلَقًا فَمُمْتَنِعٌ فَإِنَّهُ مَفْطُورٌ عَلَى إرَادَةِ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَعَلَى كَرَاهَةِ مَا يَضُرُّهُ وَيُؤْذِيهِ وَالزَّاهِدُ النَّاسِكُ إذَا كَانَ مُسْلِمًا فَلَا بُدَّ أَنْ يُرِيدَ أَشْيَاءَ يُحِبُّهَا اللَّهُ: مِثْلُ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ، وَتَرْكِ الْمَحَارِمِ؛ بَلْ وَكَذَلِكَ عُمُومُ الْمُؤْمِنِينَ لَا بُدَّ أَنْ يُرِيدَ أَحَدُهُمْ أَشْيَاءَ يُحِبُّهَا اللَّهُ وَإِلَّا فَمَنْ لَمْ يُحِبّ اللَّهَ وَلَا أَحَبّ شَيْئًا لِلَّهِ فَلَمْ يُحِبّ شَيْئًا مِنْ الطَّاعَاتِ لَا الشَّهَادَتَيْنِ وَلَا غَيْرِهِمَا، وَلَا يُرِيدُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا فَلَا بُدَّ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَهُ إرَادَةٌ لِبَعْضِ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ؛ وَأَمَّا إرَادَةُ الْعَبْدِ لِمَا يَهْوَاهُ وَلَا يُحِبُّهُ اللَّهُ فَهَذَا لَازِمٌ لِكُلِّ مَنْ عَصَى اللَّهَ فَإِنَّهُ أَرَادَ الْمَعْصِيَةَ وَاَللَّهُ لَا يُحِبُّهَا وَلَا يَرْضَاهَا. وَأَمَّا الْخُلُوُّ عَنْ الْإِرَادَتَيْنِ الْمَحْمُودَةِ وَالْمَذْمُومَةِ فَيَقَعُ عَلَى وَجْهَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) : مَعَ إعْرَاضِ الْعَبْدِ عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَطَاعَتِهِ وَإِنْ عَلِمَ بِهَا فَإِنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ كَثِيرًا مِنْ الْأُمُورِ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهَا وَهُوَ لَا يُرِيدُهَا وَلَا يَكْرَهُ مِنْ غَيْرِهِ فِعْلَهَا وَإِذَا اقْتَتَلَ الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ لَمْ يَكُنْ مُرِيدًا لِانْتِصَارِ هَؤُلَاءِ الَّذِي يُحِبُّهُ اللَّهُ وَلَا لِانْتِصَارِ هَؤُلَاءِ الَّذِي يُبْغِضُهُ اللَّهُ. وَ (الْوَجْهُ الثَّانِي) : يَقَعُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الزُّهَّادِ الْعُبَّادِ الْمُمْتَثِلِينَ لِمَا