للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي الشَّرْعِ، وَتَرْكَ مَا نُهِيَ عَنْهُ فِي الشَّرْعِ وَأَنَّهُ إذَا أُمِرَ الْعَبْدُ بِتَرْكِ إرَادَتِهِ فَهُوَ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ وَلَمْ يُنْهَ عَنْهُ وَهَذَا حَقٌّ. فَإِنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ فَتَكُونُ لَهُ إرَادَةٌ فِي وُجُودِهِ وَلَا نُهِيَ عَنْهُ فَتَكُونُ لَهُ إرَادَةٌ فِي عَدَمِهِ فَيَخْلُو فِي مِثْلِ هَذَا عَنْ إرَادَةِ النَّقِيضَيْنِ. وَقَدْ بُيِّنَ أَنَّ صَاحِبَ الْحَقِيقَةِ عَلَيْهِ أَنْ يَلْزَمَ الْأَمْرَ دَائِمًا الْأَمْرَ الشَّرْعِيَّ الظَّاهِرَ إنْ عَرَفَهُ أَوْ الْأَمْرَ الْبَاطِنَ، وَبُيِّنَ أَنَّ الْأَمْرَ الْبَاطِنَ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا لَيْسَ بِوَاجِبِ فِي الشَّرْعِ وَلَا مُحَرَّمٍ وَأَنَّ مِثْلَ هَذَا يُنْتَظَرُ فِيهِ الْأَمْرُ الْخَاصُّ حَتَّى يَفْعَلَهُ بِحُكْمِ الْأَمْرِ. فَإِنْ قُلْت: فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ صَاحِبِ التَّقْوَى الَّذِي قَبْلَهُ؟ وَصَاحِبِ الْحَقِّ الَّذِي بَعْدَهُ؟ . قِيلَ: أَمَّا الَّذِي بَعْدَهُ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ " الْأَبْدَالَ " فَهُمْ الَّذِينَ لَا يَفْعَلُونَ إلَّا بِأَمْرِ الْحَقِّ، وَلَا يَفْعَلُونَ إلَّا بِهِ فَلَا يَشْهَدُونَ لِأَنْفُسِهِمْ فِعْلًا فِيمَا فَعَلُوهُ مِنْ الطَّاعَةِ؛ بَلْ يَشْهَدُونَ أَنَّهُ هُوَ الْفَاعِلُ بِهِمْ مَا قَامَ بِهِمْ مِنْ طَاعَةِ أَمْرِهِ. وَلِهَذَا قَالَ: فَاتِّبَاعُ الْأَمْرِ فِيهَا مُخَالَفَتُك إيَّاكَ بِالتَّبَرِّي مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ. فَهَؤُلَاءِ يَشْهَدُونَ تَوْحِيدَ الرُّبُوبِيَّةِ مَعَ تَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ فَيَشْهَدُونَ