للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ} وَيَتَوَهَّمُونَ أَنَّ الْمُرَادَ قَوْلُ هَذَا الِاسْمِ فَخَطَأٌ وَاضِحٌ؛ وَلَوْ تَدَبَّرُوا مَا قَبْلَ هَذَا تَبَيَّنَ مُرَادُ الْآيَةِ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ} . أَيْ: قُلْ: اللَّهُ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى. فَهَذَا كَلَامٌ تَامٌّ وَجُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ مُبْتَدَأٍ وَخَبَرٍ حُذِفَ الْخَبَرُ مِنْهَا لِدَلَالَةِ السُّؤَالِ عَلَى الْجَوَابِ. وَهَذَا قِيَاسٌ مُطَّرِدٌ فِي مِثْلِ هَذَا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَقَوْلِهِ: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ} الْآيَةُ. وَقَوْلُهُ: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} وَكَذَلِكَ؟ مَا بَعْدَهَا وَقَوْلُهُ: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ اللَّهُ} عَلَى قِرَاءَةِ أَبِي عَمْرٍو. وَتَقُولُ فِي الْكَلَامِ مَنْ جَاءَ؟ فَتَقُولُ: زَيْدٌ. وَمَنْ أَكَرَمْت؟ فَتَقُولُ: زَيْدًا. وَبِمَنْ مَرَرْت؟ فَتَقُولُ: بِزَيْدِ. فَيَذْكُرُونَ الِاسْمَ الَّذِي هُوَ جَوَابُ مَنْ؛ وَيَحْذِفُونَ الْمُتَّصِلَ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ مَرَّةً فَيَكْرَهُونَ تَكْرِيرَهُ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةِ بَيَانٍ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّطْوِيلِ وَالتَّكْرِيرِ.