للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَوْلِهِ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إيمَانًا مَعَ إيمَانِهِمْ} وَغَيْرِ ذَلِكَ. فَإِنْ قِيلَ: إذَا لَمْ يَكُنْ هَذَا الذِّكْرُ مَشْرُوعًا. فَهَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ؟ قُلْت: أَمَّا فِي حَقِّ الْمَغْلُوبِ فَلَا يُوصَفُ بِكَرَاهَةِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لِلْقَلْبِ أَحْوَالٌ يَتَعَسَّرُ عَلَيْهِ فِيهَا نُطْقُ اللِّسَانِ مَعَ امْتِلَاءِ الْقَلْبِ بِأَحْوَالِ الْإِيمَانِ وَرُبَّمَا تَيَسَّرَ عَلَيْهِ ذِكْرُ الِاسْمِ الْمُجَرَّدِ دُونَ الْكَلِمَةِ التَّامَّةِ وَهَؤُلَاءِ يَأْتُونَ عَلَى مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ أَحْوَالِ الْإِيمَانِ وَمَا قَدَرُوا عَلَيْهِ مِنْ نُطْقِ اللِّسَانِ؛ فَإِنَّ النَّاسَ فِي الذِّكْرِ أَرْبَعُ طَبَقَاتٍ: (إحْدَاهَا) الذِّكْرُ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَهُوَ الْمَأْمُورُ بِهِ. (الثَّانِي) الذِّكْرُ بِالْقَلْبِ فَقَطْ فَإِنْ كَانَ مَعَ عَجْزِ اللِّسَانِ فَحَسَنٌ وَإِنْ كَانَ مَعَ قُدْرَتِهِ فَتَرْكٌ لِلْأَفْضَلِ. (الثَّالِثُ) الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ فَقَطْ وَهُوَ كَوْنُ لِسَانِهِ رَطْبًا بِذِكْرِ اللَّهِ وَفِيهِ حِكَايَةُ الَّتِي لَمْ تَجِدْ الْمَلَائِكَةُ فِيهِ خَيْرًا إلَّا حَرَكَةَ لِسَانِهِ بِذِكْرِ اللَّهِ. وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {أَنَا مَعَ عَبْدِي مَا ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ} . (الرَّابِعُ) عَدَمُ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ حَالُ الْخَاسِرِينَ.