للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَبَّهَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ فَهُوَ عَبْدٌ لِذَلِكَ: فِيهِ أَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ وَشُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ. وَلِهَذَا قَالَ: {إنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ مُنِعَ سَخِطَ} . فَمَا كَانَ يُرْضِي الْإِنْسَانَ حُصُولُهُ، وَيُسْخِطُهُ فَقْدُهُ فَهُوَ عَبْدُهُ إذْ الْعَبْدُ يَرْضَى بِاتِّصَالِهِ بِهِمَا وَيَسْخَطُ لِفَقْدِهِمَا. وَ " الْمَعْبُودُ الْحَقُّ " الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ إذَا عَبَدَهُ الْمُؤْمِنُ وَأَحَبَّهُ حَصَلَ لِلْمُؤْمِنِ بِذَلِكَ فِي قَلْبِهِ إيمَانٌ وَتَوْحِيدٌ وَمَحَبَّةٌ وَذِكْرٌ وَعِبَادَةٌ فَيَرْضَى بِذَلِكَ وَإِذَا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ غَضِبَ. وَكَذَلِكَ مَنْ أَحَبّ شَيْئًا فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَصَوَّرَهُ فِي قَلْبِهِ، وَيُرِيدَ اتِّصَالَهُ بِهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ. قَالَ الْجُنَيْد: لَا يَكُونُ الْعَبْدُ عَبْدًا حَتَّى يَكُونَ مِمَّا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى حُرًّا. وَهَذَا مُطَابِقٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَبْدًا لِلَّهِ خَالِصًا مُخْلِصًا دِينَهُ لِلَّهِ كُلَّهُ حَتَّى لَا يَكُونَ عَبْدًا لِمَا سِوَاهُ وَلَا فِيهِ شُعْبَةٌ وَلَا أَدْنَى جُزْءٍ مِنْ عُبُودِيَّةِ مَا سِوَى اللَّهِ فَإِذَا كَانَ يُرْضِيهِ وَيُسْخِطُهُ غَيْرُ اللَّهِ فَهُوَ عَبْدٌ لِذَلِكَ الْغَيْرِ فَفِيهِ مِنْ الشِّرْكِ بِقَدْرِ مَحَبَّتِهِ، وَعِبَادَتُهُ لِذَلِكَ الْغَيْرِ زِيَادَةٌ. قَالَ " الْفُضَيْل بْنُ عِيَاضٍ " وَاَللَّهِ مَا صَدَقَ اللَّهَ فِي عُبُودِيَّتِهِ مَنْ