للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّهُمْ مِنْهُمْ فَكَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ. وَأَصْلُ هَذَا أَنَّهُمْ تَعَبَّدُوا بِمَا تُحِبُّهُ النَّفْسُ؛ وَأَمَّا الْعِبَادَةُ بِمَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَرْضَاهُ فَلَا يُحِبُّونَهُ وَلَا يُرِيدُونَهُ وَحْدَهُ وَيَرَوْنَ أَنَّهُمْ إذَا عَبَدُوا اللَّهَ بِمَا أَمَرَ بِهِ وَرُسُلُهُ حَطَّ لَهُمْ عَنْ مَنْصِبِ الْوِلَايَةِ فَيُحْدِثُونَ مَحَبَّةً قَوِيَّةً وَتَأَلُّهًا وَعِبَادَةً وَشَوْقًا وَزُهْدًا؛ وَلَكِنْ فِيهِ شِرْكٌ وَبِدْعَةٌ. وَمَحَبَّةُ " التَّوْحِيدِ " إنَّمَا تَكُونُ لِلَّهِ وَحْدَهُ عَلَى مُتَابَعَةِ رَسُولِهِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} فَلِهَذَا يَكُونُ أَهْلُ الِاتِّبَاعِ فِيهِمْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ فِي مَحَبَّتِهِمْ؛ يُحِبُّونَ لِلَّهِ وَيَبْغَضُونَ لَهُ. وَهُمْ عَلَى مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ. وَاَلَّذِينَ مَعَهُ {إذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} وَأُولَئِكَ مَحَبَّتُهُمْ فِيهَا شِرْكٌ وَلَيْسُوا مُتَابِعِينَ لِلرَّسُولِ وَلَا مُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَيْسَتْ هِيَ الْمَحَبَّةُ الإخلاصية. فَإِنَّهَا مَقْرُونَةٌ بِالتَّوْحِيدِ. وَلِهَذَا سَمَّى أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ كِتَابَهُ " قُوتَ الْقُلُوبِ فِي مُعَامَلَةِ الْمَحْبُوبِ وَوَصْفِ طَرِيقِ الْمُرِيدِ إلَى مَقَامِ التَّوْحِيدِ " وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.