للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَقْتَرِنُ بِهِ مِنْ جَلْبِ مَنْفَعَةٍ رَاجِحَةٍ أَوْ دَفْعِ مَضَرَّةٍ أُخْرَى رَاجِحَةٍ - فَجَهْلٌ وَظُلْمٌ. وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ " ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ " لَا يَتَوَرَّعُ عَنْهَا: الْمَنَافِعُ الْمُكَافِئَةُ وَالرَّاجِحَةُ وَالْخَالِصَةُ: كَالْمُبَاحِ الْمَحْضِ أَوْ الْمُسْتَحَبِّ أَوْ الْوَاجِبِ فَإِنَّ الْوَرَعَ عَنْهَا ضَلَالَةٌ. وَأَنَا أَذْكُرُ هُنَا تَفْصِيلَ ذَلِكَ فَأَقُولُ: " الزُّهْدُ " خِلَافُ الرَّغْبَةِ. يُقَالُ: فُلَانٌ زَاهِدٌ فِي كَذَا. وَفُلَانٌ رَاغِبٌ فِيهِ. وَ " الرَّغْبَةُ " هِيَ مِنْ جِنْسِ الْإِرَادَةِ. فَالزُّهْدُ فِي الشَّيْءِ انْتِفَاءُ الْإِرَادَةِ لَهُ إمَّا مَعَ وُجُودِ كَرَاهَتِهِ وَإِمَّا مَعَ عَدَمِ الْإِرَادَةِ وَالْكَرَاهَةِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ لَا مُرِيدًا لَهُ وَلَا كَارِهًا لَهُ وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَرْغَبْ فِي الشَّيْءِ وَيُرِيدُهُ فَهُوَ زَاهِدٌ فِيهِ. وَكَمَا أَنَّ سَبِيلَ اللَّهِ يُحْمَدُ فِيهِ الزُّهْدُ فِيمَا زَهِدَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ فُضُولِ الدُّنْيَا فَتُحْمَدُ فِيهِ الرَّغْبَةُ وَالْإِرَادَةُ لَمَّا حَمِدَ اللَّهُ إرَادَتَهُ وَالرَّغْبَةَ فِيهِ؛ وَلِهَذَا كَانَ أَسَاسُ الطَّرِيقِ الْإِرَادَةَ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} وَنَظَائِرُهُ مُتَعَدِّدَةٌ.