وَ" التَّحْقِيقُ " أَنَّهُ مَعَ عَدَمِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ يَحْصُلُ لَهُ عَدَمُ مَضَرَّةِ الْفِعْلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَهُوَ ذَمُّهُ وَعِقَابُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَمَعَ وُجُودِ الِامْتِنَاعِ وَالِاتِّقَاءِ وَالِاجْتِنَابِ يَكُونُ قَدْ وُجِدَ مِنْهُ عَمَلٌ صَالِحٌ وَطَاعَةٌ وَتَقْوَى فَيَحْصُلُ لَهُ مَنْفَعَةُ هَذَا الْعَمَلِ مِنْ حَمْدِهِ وَثَوَابِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. فَعَدَمُ الْمَضَرَّةِ لِعَدَمِ السَّيِّئَاتِ وَوُجُودُ الْمَنْفَعَةِ لِوُجُودِ الْحَسَنَاتِ. فَتَلَخَّصَ أَنَّ " الزُّهْدَ " مِنْ بَابِ عَدَمِ الرَّغْبَةِ وَالْإِرَادَةِ فِي الْمَزْهُودِ فِيهِ. وَ " الْوَرَعُ " مِنْ بَابِ وُجُودِ النُّفْرَةِ وَالْكَرَاهَةِ لِلْمُتَوَرَّعِ عَنْهُ وَانْتِفَاءُ الْإِرَادَةِ إنَّمَا يَصْلُحُ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ خَالِصَةٌ أَوْ رَاجِحَةٌ ". وَأَمَّا وُجُودُ الْكَرَاهَةِ فَإِنَّمَا يَصْلُحُ فِيمَا فِيهِ مَضَرَّةٌ خَالِصَةٌ أَوْ رَاجِحَةٌ فَأَمَّا إذَا فُرِضَ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ وَلَا مَضَرَّةَ أَوْ مَنْفَعَتُهُ وَمَضَرَّتُهُ سَوَاءٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ فَهَذَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يُرَادَ وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يُكْرَهَ فَيَصْلُحُ فِيهِ الزُّهْدُ وَلَا يَصْلُحُ فِيهِ الْوَرَعُ فَظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا يَصْلُحُ فِيهِ الْوَرَعُ يَصْلُحُ فِيهِ الزُّهْدُ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ وَهَذَا بَيِّنٌ. فَإِنَّ مَا صَلَحَ أَنْ يُكْرَهَ وَيُنَفَّرَ عَنْهُ صَلُحَ أَلَّا يُرَادَ وَلَا يُرْغَبَ فِيهِ فَإِنَّ عَدَمَ الْإِرَادَةِ أَوْلَى مِنْ وُجُودِ الْكَرَاهَةِ؛ وَوُجُودَ الْكَرَاهَةِ مُسْتَلْزِمٌ عَدَمَ الْإِرَادَةِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ. وَلَيْسَ كُلُّ مَا صَلُحَ أَلَّا يُرَادَ يَصْلُحُ أَنْ يُكْرَهَ؛ بَلْ قَدْ يَعْرِضُ مِنْ الْأُمُورِ مَا لَا تَصْلُحُ إرَادَتُهُ وَلَا كَرَاهَتُهُ وَلَا حُبُّهُ وَلَا بُغْضُهُ وَلَا الْأَمْرُ بِهِ وَلَا النَّهْيُ عَنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute