للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُحَرَّمِ وَمَنْ كَانَتْ كَرَاهَتُهُ لِلْمُحَرَّمَاتِ كَرَاهَةَ إيمَانٍ وَقَدْ غَمَرَ إيمَانُهُ حُكْمَ طَبْعِهِ فَهَذَا أَعْلَى الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ وَهَذَا صَاحِبُ النَّفْسِ الْمُطْمَئِنَّةِ وَهُوَ أَرْفَعُ مِنْ صَاحِبِ اللَّوَّامَةِ الَّتِي تَفْعَلُ الذَّنْبَ وَتَلُومُ صَاحِبَهَا عَلَيْهِ وَتَتَلَوَّمُ وَتَتَرَدَّدُ هَلْ تَفْعَلُهُ أَمْ لَا وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُ وَلَا هُوَ مُرِيدٌ لَهُ؛ بَلْ لَمْ يَفْعَلْهُ فَهَذَا لَا يُعَاقَبُ. وَلَا يُثَابُ إذْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ يُثَابُ عَلَيْهِ أَوْ يُعَاقَبُ فَمَنْ قَالَ: الْمَطْلُوبُ أَلَّا يَفْعَلَ إنْ أَرَادَ أَنَّ هَذَا الْمَطْلُوبَ يَكْفِي فِي عَدَمِ الْعِقَابِ فَقَدْ صَدَقَ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَى هَذَا الْعَدَمِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَالْكَافِرُ إذَا لَمْ يُؤْمِنْ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ. فَلَا بُدَّ لِنَفْسِهِ مِنْ أَعْمَالٍ يَشْتَغِلُ بِهَا عَنْ الْإِيمَانِ وَتَرْكُ الْأَعْمَالِ كُفْرٌ يُعَاقَبُ عَلَيْهَا. وَلِهَذَا لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ عُقُوبَةَ الْكُفَّارِ فِي النَّارِ ذَكَرَ أُمُورًا وُجُودِيَّةً وَتِلْكَ تَدُسُّ النَّفْسَ؛ وَلِهَذَا كَانَ التَّوْحِيدُ وَالْإِيمَانُ أَعْظَمَ مَا تَزْكُو بِهِ النَّفْسُ وَكَانَ الشِّرْكُ أَعْظَمَ مَا يُدَسِّيهَا وَتَتَزَكَّى بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَالصَّدَقَةِ هَذَا كُلُّهُ مِمَّا ذَكَرَهُ السَّلَفُ. قَالُوا: فِي {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} تَطَهَّرَ مِنْ الشِّرْكِ وَمِنْ الْمَعْصِيَةِ بِالتَّوْبَةِ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَعَطَاءٍ وقتادة: صَدَقَةُ الْفِطْرِ. وَلَمْ يُرِيدُوا أَنَّ الْآيَةَ لَمْ تَتَنَاوَلْ إلَّا هِيَ بَلْ مَقْصُودُهُمْ: أَنَّ مَنْ أَعْطَى صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَصَلَّى صَلَاةَ الْعِيدِ فَقَدْ تَنَاوَلَتْهُ وَمَا بَعْدَهَا وَلِهَذَا