الْعِبَارَةَ إنَّمَا تُفِيدُ التَّمْثِيلَ وَالتَّقْرِيبَ وَأَمَّا مَعْرِفَةُ الْحَقِيقَةِ فَلَا تَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الْعِبَارَةِ إلَّا لِمَنْ يَكُونُ قَدْ ذَاقَ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمُعَبَّرَ عَنْهُ وَعَرَفَهُ وَخَبَرَهُ؛ وَلِهَذَا يُسَمُّونَ أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ لِأَنَّهُمْ عُرِفُوا بِالْخِبْرَةِ وَالذَّوْقِ مَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُمْ بِالْخَبَرِ وَالنَّظَرِ وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {أَنَّ هِرَقْلَ مَلِكَ الرُّومِ سَأَلَ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ فِيمَا سَأَلَهُ عَنْهُ مِنْ أُمُورِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَهَلْ يَرْجِعُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ سخطة لَهُ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ قَالَ: لَا قَالَ: وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ إذَا خَالَطَتْ بَشَاشَتُهُ الْقَلْبَ لَا يُسْخِطُهُ أَحَدٌ} . فَالْإِيمَانُ إذَا بَاشَرَ الْقَلْبَ وَخَالَطَتْهُ بَشَاشَتُهُ لَا يُسْخِطُهُ الْقَلْبُ بَلْ يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ فَإِنَّ لَهُ مِنْ الْحَلَاوَةِ فِي الْقَلْبِ وَاللَّذَّةِ وَالسُّرُورِ وَالْبَهْجَةِ مَا لَا يُمْكِنُ التَّعْبِيرُ عَنْهُ لِمَنْ لَمْ يَذُقْهُ وَالنَّاسُ مُتَفَاوِتُونَ فِي ذَوْقِهِ وَالْفَرَحِ وَالسُّرُورِ الَّذِي فِي الْقَلْبِ لَهُ مِنْ الْبَشَاشَةِ مَا هُوَ بِحَسَبِهِ وَإِذَا خَالَطَتْ الْقَلْبَ لَمْ يُسْخِطْهُ قَالَ تَعَالَى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ بِمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ وَالِاسْتِبْشَارُ هُوَ الْفَرَحُ وَالسُّرُورُ؛ وَذَلِكَ لِمَا يَجِدُونَهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ الْحَلَاوَةِ وَاللَّذَّةِ وَالْبَهْجَةِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute