للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَوَجَّهَ إلَى اللَّهِ بِصِدْقِ الِافْتِقَارِ إلَيْهِ وَاسْتَغَاثَ بِهِ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ؛ أَجَابَ دُعَاءَهُ؛ وَأَزَالَ ضَرَرَهُ وَفَتَحَ لَهُ أَبْوَابَ الرَّحْمَةِ. فَمِثْلُ هَذَا قَدْ ذَاقَ مِنْ حَقِيقَةِ التَّوَكُّلِ وَالدُّعَاءِ لِلَّهِ مَا لَمْ يَذُقْ غَيْرُهُ. وَكَذَلِكَ مَنْ ذَاقَ طَعْمَ إخْلَاصِ الدِّينِ لِلَّهِ وَإِرَادَةِ وَجْهِهِ دُونَ مَا سِوَاهُ؛ يَجِدُ مِنْ الْأَحْوَالِ وَالنَّتَائِجِ وَالْفَوَائِدِ مَا لَا يَجِدُهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ. بَلْ مَنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ فِي مِثْلِ طَلَبِ الرِّئَاسَةِ وَالْعُلُوِّ؛ وَتَعَلُّقِهِ بِالصُّوَرِ الْجَمِيلَةِ أَوْ جَمْعِهِ لِلْمَالِ يَجِدُ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ مِنْ الْهُمُومِ وَالْغُمُومِ وَالْأَحْزَانِ وَالْآلَامِ وَضِيقِ الصَّدْرِ مَا لَا يُعَبِّرُ عَنْهُ. وَرُبَّمَا لَا يُطَاوِعُهُ قَلْبُهُ عَلَى تَرْكِ الْهَوَى وَلَا يَحْصُلُ لَهُ مَا يَسُرُّهُ؛ بَلْ هُوَ فِي خَوْفٍ وَحُزْنٍ دَائِمًا: إنْ كَانَ طَالِبًا لِمَا يَهْوَاهُ فَهُوَ قَبْلَ إدْرَاكِهِ حَزِينٌ مُتَأَلِّمٌ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ. فَإِذَا أَدْرَكَهُ كَانَ خَائِفًا مِنْ زَوَالِهِ وَفِرَاقِهِ. وَأَوْلِيَاءُ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ؛ فَإِذَا ذَاقَ هَذَا أَوْ غَيْرُهُ حَلَاوَةَ الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ. وَالْعِبَادَةُ لَهُ. وَحَلَاوَةُ ذِكْرِهِ وَمُنَاجَاتِهِ. وَفَهِمَ كِتَابَهُ. وَأَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ بِحَيْثُ يَكُونُ عَمَلُهُ صَالِحًا. وَيَكُونُ لِوَجْهِ اللَّهِ خَالِصًا؛ فَإِنَّهُ يَجِدُ مِنْ السُّرُورِ وَاللَّذَّةِ وَالْفَرَحِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِمَّا يَجِدُهُ الدَّاعِي الْمُتَوَكِّلُ الَّذِي نَالَ بِدُعَائِهِ وَتَوَكُّلِهِ مَا يَنْفَعُهُ مِنْ الدُّنْيَا. أَوْ انْدَفَعَ عَنْهُ مَا يَضُرُّهُ؛ فَإِنَّ حَلَاوَةَ ذَلِكَ هِيَ بِحَسَبِ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ