للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِاللَّهِ إلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: تَسْأَلُهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فَيَقُولُونَ اللَّهُ وَهُمْ مَعَ هَذَا يَعْبُدُونَ غَيْرَهُ. فَمَنْ أَقَرَّ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ دُونَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ الشَّرْعِيَّيْنِ فَهُوَ أَكْفَرُ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَإِنَّ أُولَئِكَ يُقِرُّونَ بِالْمَلَائِكَةِ وَالرُّسُلِ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ الشَّرْعِيَّيْنِ لَكِنْ آمَنُوا بِبَعْضٍ وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا} . وَأَمَّا الَّذِي يَشْهَدُ " الْحَقِيقَةَ الْكَوْنِيَّةَ " وَتَوْحِيدَ الرُّبُوبِيَّةِ الشَّامِلَ لِلْخَلِيقَةِ وَيُقِرُّ أَنَّ الْعِبَادَ كُلَّهُمْ تَحْتَ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ وَيَسْلُكُ هَذِهِ الْحَقِيقَةَ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُتَّقِينَ الَّذِينَ أَطَاعُوا أَمْرَ اللَّهِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ رُسُلَهُ وَبَيْنَ مَنْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ الْكُفَّارِ وَالْفُجَّارِ فَهَؤُلَاءِ أَكْفَرُ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. لَكِنْ مِنْ النَّاسِ مَنْ قَدْ لَمَحُوا الْفَرْقَ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ دُونَ بَعْضٍ بِحَيْثُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ أَوْ يُفَرِّقُ بَيْنَ بَعْضِ الْأَبْرَارِ وَبَيْنَ بَعْضِ الْفُجَّارِ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ آخَرِينَ اتِّبَاعًا لِظَنِّهِ وَمَا يَهْوَاهُ. فَيَكُونُ نَاقِصَ الْإِيمَانِ بِحَسَبِ مَا سَوَّى بَيْنَ الْأَبْرَارِ وَالْفُجَّارِ وَيَكُونُ مَعَهُ مِنْ الْإِيمَانِ بِدِينِ اللَّهِ تَعَالَى الْفَارِقَ بِحَسَبِ مَا فَرَّقَ بِهِ بَيْنَ أَوْلِيَائِهِ وَأَعْدَائِهِ.