للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَمَنْ كَانَ قَلْبُهُ وَعَمَلُهُ مِنْ جِنْسِ قُلُوبِ التَّتَارِ وَأَعْمَالِهِمْ كَانَ شَبِيهًا لَهُمْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَكَانَ مَا مَعَهُ مِنْ الْإِسْلَامِ أَوْ مَا يُظْهِرُهُ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ مَا مَعَهُمْ مِنْ الْإِسْلَامِ وَمَا يُظْهِرُونَهُ مِنْهُ بَلْ يُوجَدُ فِي غَيْرِ التَّتَارِ الْمُقَاتِلِينَ مِنْ الْمُظْهِرِينَ لِلْإِسْلَامِ مَنْ هُوَ أَعْظَمُ رِدَّةً وَأَوْلَى بِالْأَخْلَاقِ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَبْعَدُ عَنْ الْأَخْلَاقِ الْإِسْلَامِيَّةِ مِنْ التَّتَارِ. وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ {خَيْرُ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ} وَإِذَا كَانَ خَيْرُ الْكَلَامِ كَلَامَ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهَدْيِ هَدْيَ مُحَمَّدٍ فَكُلُّ مَنْ كَانَ إلَى ذَلِكَ أَقْرَبَ وَهُوَ بِهِ أَشْبَهَ كَانَ إلَى الْكَمَالِ أَقْرَبَ وَهُوَ بِهِ أَحَقّ. وَمَنْ كَانَ عَنْ ذَلِكَ أَبْعَدَ وَشَبَهُهُ بِهِ أَضْعَفَ كَانَ عَنْ الْكَمَالِ أَبْعَدَ وَبِالْبَاطِلِ أَحَقّ. وَالْكَامِلُ هُوَ مَنْ كَانَ لِلَّهِ أَطْوَع وَعَلَى مَا يُصِيبُهُ أَصْبَر فَكُلَّمَا كَانَ أَتْبَعَ لِمَا يَأْمُرُ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ وَأَعْظَمَ مُوَافَقَةً لِلَّهِ فِيمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَصَبْرًا عَلَى مَا قَدَّرَهُ وَقَضَاهُ كَانَ أَكْمَلَ وَأَفْضَلَ. وَكُلُّ مَنْ نَقَصَ عَنْ هَذَيْنِ كَانَ فِيهِ مِنْ النَّقْصِ بِحَسَبِ ذَلِكَ.

وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى " الصَّبْرَ وَالتَّقْوَى " جَمِيعًا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ وَبَيَّنَ أَنَّهُ يَنْتَصِرُ الْعَبْدُ عَلَى عَدُوِّهِ مِنْ الْكُفَّارِ الْمُحَارِبِينَ الْمُعَانِدِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَعَلَى مَنْ ظَلَمَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلِصَاحِبِهِ تَكُونُ الْعَاقِبَةُ،