أَنْكَرَ عَلَى الشِّبْلِيِّ حَالَهُ فِي سَبَبِ قَوْلِهِ لَهَا إذْ كَانَتْ حَالًا يُنَافِي الرِّضَا وَلَوْ قَالَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ. وَفِيمَا ذَكَرَهُ آثَارٌ ضَعِيفَةٌ مِثْلُ مَا ذَكَرَهُ مُعَلَّقًا. (قَالَ وَقِيلَ: قَالَ مُوسَى: " إلَهِي دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إذَا عَمِلْته رَضِيت عَنِّي. فَقَالَ: إنَّك لَا تُطِيقُ ذَلِكَ فَخَرَّ مُوسَى سَاجِدًا مُتَضَرِّعًا فَأَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ: يَا ابْنَ عِمْرَانَ رِضَائِي فِي رِضَاك عَنِّي " فَهَذِهِ الْحِكَايَةُ الإسرائيلية فِيهَا نَظَرٌ؛ فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ: لَا يَصْلُحُ أَنْ يُحْكَى مِثْلُهَا عَنْ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ الإسرائيليات لَيْسَ لَهَا إسْنَادٌ وَلَا يَقُومُ بِهَا حُجَّةٌ فِي شَيْءٍ مِنْ الدِّينِ إلَّا إذَا كَانَتْ مَنْقُولَةً لَنَا نَقْلًا صَحِيحًا مِثْلُ مَا ثَبَتَ عَنْ نَبِيِّنَا أَنَّهُ حَدَّثَنَا بِهِ عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلَكِنَّ مِنْهُ مَا يُعْلَمُ كَذِبُهُ مِثْلُ هَذِهِ؛ فَإِنَّ مُوسَى مِنْ أَعْظَمِ أُولِي الْعَزْمِ وَأَكَابِرِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَكَيْفَ يُقَالُ: إنَّهُ لَا يُطِيقُ أَنْ يَعْمَلَ مَا يَرْضَى اللَّهُ بِهِ عَنْهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى رَاضٍ عَنْ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَاَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانِ. أَفَلَا يَرْضَى عَنْ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ كَلِيمِ الرَّحْمَنِ وَقَالَ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} {جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ أَفْضَلِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute